... وأخيرا دخلت قافلة شريان الحياة التي يقودها جورج غالاوي، رئيس حزب الاحترام البريطاني بمعية 17 برلمانيا تركيا وكل المصاحبين وذلك بعد انقضاء اكثر من أسبوع وهي في انتظار السماح لها بالدخول الى قطاع غزة .. قافلة لا تهدف الا الى التخفيف من معاناة مليون ونصف مليون من سكان القطاع جراء الحصار المفروض عليه برا وبحرا وجوا، تكريسا للسياسة الممنهجة التي يتبعها الكيان الصهيوني الغاصب وذلك بهدف القضاء على جزء هام وحيوي من أبناء الشعب الفلسطيني على طريقة الموت البطيء.. المهم ان جورج غالاوي ومن معه لم يفقدوا الأمل لتحقيق الهدف الذي غامروا من أجله .. وبالرغم من كل ما تعرضوا اليه من مضايقات وصلت الى حد قذفهم ورجمهم بالحجارة حيث أدت الى اصابة العديد من اعضاء قافلة شريان الحياة اصابات جدية اضافة الى تسويف الجهات المصرية، لعلها بذلك تثنيهم عن هدفهم الا أن الجماعة صمدت وصمدت الى ان تحقق لها المطلوب وهو الدخول الى غزة وايصال المساعدات الى اصحاب الحق .. اصحاب الأرض .. رغم أنف اسرائيل ورغم انف حلفائها .. وهكذا انتصرت الارادة الصادقة على كل الارادات المهزوزة اصلا. لقد كان جورج غالاوي، عربيا اكثر من العرب انفسهم وكان كذلك فلسطينيا اكثر من الفلسطينيين انفسهم .. مؤكدا التزامه بالقضية الفلسطينية بل كان اجرأ من العرب بكثير حين وصف قادة اسرائيل بالقتلة والمجرمين بل أكد انه لا يعترف باسرائيل طالما هي تحتل ارض فلسطين وتقتل ابناءها. في المقابل نجد اصحاب القضية لا يكترثون بما يجري للأماكن المقدسة بفلسطين وهي في طريقها الى التهويد والابتلاع ولا أحد يحرك ساكنا .. فضلا عن اجتياح المستوطنات لكل الأراضي الفلسطينية واستباحة حتى الحرمات الفلسطينية. غطرسة الصهاينة وعربدتهم بالأراضي الفلسطينية، ونحن نتفرج على عدو يدك عظام بني جلدتنا وأبنائنا ويهتك عرض حرماتنا ومقدساتنا ويصادر أراضينا .. ألم يكفنا ما تعانيه العراق - على الرغم ممّا كانت تمثله من ثقل عربي، على اكثر من صعيد - التي اصبحت اليوم كالجثة الهامدة تنهشها كل أنواع الحيوانات اللاحمة والعاشبة والكالشة، وغيرها .. مستعملة في ذلك كل أنواع الأنياب ومخالب النهش ... ألم يكفنا ما تتعرض له الصومال من حرائق ونحن وكأننا نشاهد شريط رعب .. ونتلذذ برائحة الشواء القادم من هناك .. ألم يكفنا ما تعانيه اليمن اليوم من تمزق وحرب أهلية - والقادم أعظم - وكلنا نتفرج وكأنه مقدر علينا الا تشتعل النيران الا في ربوعنا ونحن متسمرون في مكاننا غير قادرين حتى على اطفاء تلك الحرائق ..؟ ألم يكفنا ما تتعرض له السودان - الذي من المفروض ان تكون سلة كل العرب جميعا - من المكائد والمطبات سواء من قبل ابنائها أو تلك التي تحاك من خارج الحدود. وبالرغم من كل تلك الحرائق المشتعلة في الجسد العربي يقنع أصحاب البيت بدور المتفرج السلبي. او المناشد للدول الغربية التدخل وايجاد الحلول لقضاياهم بدلا عنهم ؟ فهل بعد هذا رأي؟ ان كل الدول العربية والاسلامية .. ان لم تتحد ولم توحد مواقفها وتسخر كل وسائلها لمجابهة هذا الغول القادم .. اليها .. فانه سيأتي عليها الدور الواحد تلو الآخر .. وتجتاحها الهجمة الهمجية سواء من الداخل، وذلك «بتحريك» البعض من أبناء تلك الدولة وبالتالي اغراقها في بحور من الفوضى «الخلاقة» بل الهدامة التي تأتي على الأخضر واليابس .. بتعلات لها أكثر من وجه - مرة تلبس ثوب الديمقراطية وأخرى تحت يافطة حقوق الانسان واخرى بعنوان الأزمات السياسية او بالتدخل المباشر في تلك الدول تحت يافطات مختلفة لعل اهمها بعبع الارهاب او من أجل القضاء على دابر انتشار التسلح النووي وكأنكم اوصياء على خلق الله وكأن ما يأتونه من فظائع الأفعال سواء في العراق او في فلسطين او في الصومال او في اليمن لا يتنزل في اطار الارهاب والقتل المنظم والمنظر له مع سابقية الاضمار والترصد. فماذا ننتظر .. لتوحيد الصفوف والحدود والمواقف والكلمة والموارد لمجابهة هذا الخطر الداهم الذي لا يرحم لا الحجر ولا الشجر والبشر .. أفلم يأتكم بعد حديث جورج غالاوي الذي قدم لنا درسا في التضامن مع القضية الفلسطينية والصمود أمام كل التعنت والحواجز التي تم افتعالها لثنيه على مواصلة طريقه في اتجاه غزة المعزولة متحملا والفريق الذي يصاحبه كل ما يمكن ان يحدث؟ أفلا نستشف من موقفه واصراره على ان القضية قضية ارادة وايمان فحسب. فهل أدركنا المقصود وفهمنا المغزى؟ نعم نحن العرب لا ينقصنا الا الارادة الصادقة والإيمان بقضايانا المصيرية والاطمئنان الى نوايا بعضنا البعض ما عدا ذلك فقد حبانا الله بكل اسباب القوة من دين واحد ولغة واحدة وموارد طبيعية وطاقات خلاقة فهلاّ فتحنا قلوبنا وفتحنا حدودنا أمام بعضنا البعض وبذلك سنكون فقط خير أمة أخرجت للناس.