«الشراقي»... تلك المنطقة الفلاحية التابعة إداريا لمعتمدية القلعة الصغرى والقريبة جدا (محاذية لها) لمدينة حمام سوسة مما جعلها الوجهة الأولى لأبناء حمام سوسة، حيث تمثل هذه المنطقة ومنذ قديم الزمن، مورد رزق، كيف لا وهي التي جعلها أبناء حمام سوسة أرضا خضراء بزياتينها وفلاحتها وبالتالي تكون قبلتهم الأولى عند حلول موسم جني الزيتون. لكن وللأسف الشديد، فإن هذه المنطقة الفلاحية تشهد كل سنة وعلى فترات يمكن القول بأنها متلاحقة حوادث أليمة وقاتلة، سببها الأول والرئيسي هو القطار القادم من العاصمة على مستوى السكة الاولى وتحديدا عند نقطة العبور الحديدية رقم 139 القريبة من الجسر المعروض بمنطقة «الشراقي».. «الشروق» تحوّلت الى نقطة «الموت» هذه لتقف على حقيقة واضحة وجلية وتتأكد من ان نقطة العبور هذه تفتقد الى أبسط الضروريات التي يجب ان تتوفّر للمترجل عند عبوره.. وهي الرؤية الكافية والواضحة للسكة وخاصة للقطار القادم عليها. السيد علي بن سالمة، وهو فلاح يقطن بالمكان، صرّح ل «الشروق» بأن نقطة العبور هذه شهدت العديد من الحوادث القاتلة التي ذهب ضحيتها العديد من الأبرياء وأيضا خسر من جرّائها العديد من الفلاحين قطعانا من أغنامهم وأبقارهم.. ويؤكد السيد علي بن سالمة ان هذه النقطة المرورية تعتبر الأخطر على الاطلاق في الجهة لأنها تفتقد الى الرؤية الواضحة للسكة بسبب كروم الهندي والاشجار المنتشرة على طول يقدر بحوالي 500 متر وملاصقة للسكة الحديدية. وللتذكير فإن آخر الحوادث القاتلة التي جدّت بهذا المكان هو هلاك سيدتين اصيلتي مدينة حمام سوسة وهما المرحومتان الجازية بنت محمد بن علي (68 سنة) وبشيرة الحوار (58 سنة) كانتا في طريقهما لجني الزيتون عندما دهسهما القطار.. السيد عبد القادر بن محمد بن علي (شقيق المرحومة جازية) وجدناه هو ايضا على عين المكان وأفادنا بأنه كان ساعة الحادثة بضيعته وانتبه للحادث وعند تحوّله وجد زوجة أخيه المرحومة بشيرة الحوار ملقاة بجانب السكة وقد فارقت الحياة بعد ان بتر القطار ساقيها، وانتبه ايضا الى اشلاء شقيقته المرحومة جازية التي جرّها القطار لمسافة تزيد عن 50 مترا.. السيد عبد القادر ورغم مرور اكثر من 10 أيام على الحادث الأليم الا انه لايزال متأثرا لما حصل مؤكدا في الآن ذاته.. انه لم يستمع الى صافرة القطار قبل دهسه لشقيقته وزوجة أخيه. السيد عبد القادر كان يرافقه ايضا السيد الهاشمي الحوار (شقيق المرحومة بشيرة الحوار) الذي صرّح بدوره بأنه كان حاضرا ساعة وقوع الحادث واستمع الى السائق (سائق القطار) الذي قال بأنه شاهد المرحومة بشيرة تعبر السكة الحديدية وتعود لمساعدة المرحومة جازية على العبور لكن القطار كان أسرع منهما ودهسهما. السيد الهاشمي الحوار أفادنا بأن الرياح في ذلك اليوم كانت جنوبية شمالية وبالتالي فأنها تأخذ معها صوت محركات القطار القادم من العاصمة، كما أضاف بأن القطارات السريعة الجديدة ليست لها أصوات محرّكات مثل البقية وبالتالي فإن الانتباه لقدوم مثل هذه القطارات يبقى رهين الرؤية.. ومثلما يتبيّن فإن الرؤية في هذا الممر منعدمة تماما بسبب كروم الهندي والأشجار. مسؤولية من؟ أمدّنا السيد بديع سعيد (ابن المرحومة جازية) بوثائق إدارية ورسوم بيانية تثبت انتقال ملكية القطعة المقامة عليها السكة الحديدية من مالكها الأول السيد رؤوف الصريدي الى شركة السكك الحديدية كما أفادنا السيد رؤوف الصريدي بأنه تلقى كامل مستحقاته بخصوص الانتزاع لفائدة المصلحة العامة لأرضه. وانتقلنا رفقة كافة الحضور الى داخل الضيعة حيث أفادنا السيد بديع سعيد بأن الشركة الوطنية للسكك الحديدية وضعت منذ سنة 2003 علامات بالدهن الأزرق على صفوف الزياتين الواجب اقتلاعها حتى تكون الرؤية واضحة.. لكن ومنذ سنة 2003 لم يقع الانجاز ولم تقتلع الزياتين ولا كروم الهندي.. السيد رؤوف الصريدي (صاحب الارض المحاذية للسكة) أفادنا بدوره بأنه أمر حارسه باقتلاع وقص شجرة «خرّوب» كانت بدورها تحجب الرؤية وأكد على ان هذه الشجرة مثلها مثل بقية الأشجار تقع خارج محيط أرضه وتتبع الأشجار التي كان على شركة السكك الحديدية إزالتها.. فهل آن الأوان لإزالة هذه العوائق.. أم أن 7 سنوات غير كافية لشركة السكك الحديدية حتى تزيل الأشجار التي حدّدتها بنفسها لتصبح الرؤية واضحة للمترجلين؟.. ننتظر إجابة. أنيس الكناني