بتعليمات سامية من سيادة الرئيس زين العابدين بن علي استقبل السيد عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة على التراث الأب جان فونتان مسؤول مكتبة إبلا معبّرا له على تعاطف سيادة الرئيس مع أسرة المكتبة في الكارثة العلمية التي تعرّضت لها وهي خسارة كبيرة للذاكرة الثقافية التونسية والانسانية معربا له عن استعداد الوزارة لدعم المكتبة حتى تستعيد دورها الثقافي والعلمي. وفي الحقيقة ليست هذه هي المرة الأولى التي يؤكد فيها الرئيس بن علي عمق وجدية اهتمامه بالملف الثقافي وإحاطته بالعاملين في حقلي الإبداع والمعرفة فمنذ الأيام الأولى للتغيير كانت الثقافة هاجسا يوميا في مشاغل الرئيس واهتماماته وقد غمرت مبادراته النبيلة القطاع الثقافي بشكل غير مسبوق في تاريخ تونس الحديث من أجل «أن تكون تونس منارة ثقافية دائمة» كما جاء في برنامجه الانتخابي 2009. ولكن استقبال الوزير للأب جان فونتان فيه معان أخرى تتجاوز التعاطف والمواساة لتؤكد التزام تونس الدائم والمتجدد بقيادة بن علي بالدفاع عن الاختلاف والتعدّد وإيمانها بالتسامح والتعايش بين الأديان والثقافات وهو قدرها التاريخي كرئة في المتوسط تجدّد قيم الحوار بين ضفّتيه وقد أراد الرئيس مرة أخرى من خلال تعليماته السامية أن يؤكّد أن خيارات تونس الجوهرية هي الحوار وتنمية ثقافة الاختلاف وهو سرّ إسهامها الفاعل في التاريخ الثقافي والحضاري للمتوسط إذ لم يخل خطاب واحد من خطبه السامية من التأكيد على هذه القيمة التي منحت لتونس إشعاعها الخالد من قرطاج الى القيروان والمهدية وصولا الى العصر الحديث. ويحقّ لتونس أن تفخر بهذه القيم التي تؤكد إسهامها في بناء ثقافة المتوسط فمكتبة إبلا هي أحد انجازات الكنيسة في تونس التي كانت أول عاصمة للإسلام في إفريقيا وثالث عواصمه التاريخية كما خرجت منها خيول الفتح ونشر دين السلام والتسامح في اسبانيا وإيطاليا وجزء من فرنسا والبرتغال ولكنها في اعتزازها بدورها الفاعل في نشر ثقافة الاسلام وقيمه ور وحه السمحة في إفريقيا وجنوب أوروبا لم تنس ولم تتخلّ عن تاريخها العريق الذي تمتزج فيه الديانات والثقافات وهو سرّ إشعاعها الذي يعمل الرئيس بن علي منذ الأيام الأولى للتغيير على تأكيده بأكثر من قرار ومبادرة ودعم وزارة الثقافة والمحافظة على التراث لمكتبة إبلا حتى تستعيد إشعاعها الثقافي ودورها العلمي أحد هذه المبادرات النيّرة ولن تكون المبادرات الأخيرة بكل تأكيد مادامت الثقافة شاغلا يوميا في حياة الرئيس بن علي.