من المؤكد أن المشهد الاعلامي المرئي لا يعرف طريقا للتطور إلا بتعدّد التجارب واختلاف الآراء والرؤى البنّاءة تجسّمها بنجاعة تعدّد القنوات فولادة الواحدة لا تلغي سابقتها بقدر ما تمثل تكاملا معها، فبعث قناة 21 لم يكن اقصاء أو حجر عثرة أمام قناة 7 لا لأنها من نفس الأم بل بدأت كامتداد لها بحكم محدودية ساعات البث في تلك الفترة ولكن ضرورة إثراء المشهد الاعلامي البصري وتعميق أبعاده حتّم استقلالية هذه القناة وبدأت تشق في مسيرتها وبعدها بأعوام كان المنعرج ببعث أول فناة تلفزية خاصة وهي «حنبعل» ولا يمكن وصفها بأنها لا تنتمي الى نفس الأمّ بحكم أنها من صميم تونسي ولم يحد ظهورها عن المتطلبات المشروعة للمشهد البصري التونسي، ومن بينها المنافسة النزيهة والتي تضفي جودة لخصوصية ومظاهر هذا المشهد وتطور حرفية توظيف آلياته، ولا يجب الانحراف عن غاياته فأبعاده بمظاهر للأسف بدأ بعضها يتشكل من حيّز الإيماء والتلميح الى فضاء التصريح والتجريح والذي لا يطال في الحقيقة الا المتفرج الذي يؤمل أن يتنقل بين قنواته التلفزية التونسية دون تعثر أو استياء مطمحه الوحيد مادة إعلامية ثرية وقيّمة تحترم اهتماماته وتشبه معارفه وتلبّي أبعاده الانسانية وتجلّت هذه المظاهر بوضوح من خلال تغطية القناتين «حنبعل» و«تونس 7» لفعاليات كأس افريقيا للأمم خاصة عند ظهور كريم حڤي من خلال بلاتو «ستاد 7» وتصريحه الحاد الموجّه الى بلاتو «سويعة كان» بقناة حنبعل وكان من الممكن تجنّب هذا التصريح سواء بفضل ما يتميز به هذا اللاعب من حرفية أو من خلال حرفية معزّ بن غربية تجاوزا لكل تأويل. وفي نفس ذلك الأسبوع جاءت اللقطة المعاكسة والتي قد تعيد الأمور الى نصابها وتعطي نفسا تواصليا لهاتين القناتين اللتين بثتا برنامجين في لمسة وفاء للمرحومة كلثوم سراي المشطة التونسية بقناة M6 حيث مرّرت قناة 7 في تقريرها لقطات كتب تحتها «صور من قناة حنبعل» وفي اليوم الموالي (الجمعة) بثت قناة حنبعل برنامجها حول هذه المنشطة ومرّرت بدورها لقطات كتب تحتها «صور من قناة 7» بأسماء افتقدنا حتى سماعها في كلا القناتين مما لا يليق بمشهدنا الاعلامي البصري وإن كانت البرامج الرياضية دفعا كبيرا لتجمع العديد من الجماهير حول هاتين القناتين لا نرجو أن تكون نفسها مفرّقة لهذه القاعدة الجماهيرية، فلكل عصفور نغمته فلتصنع كل قناة ربيعها بالأزهار ولا بزراعة الأشواك.