يوميات المقاومة: رغم مرور 7 أشهر على الحرب: صواريخ المقاومة تضرب الكيان المحتل    حالة الطقس لهذه الليلة..    حادث مرور مروع ينهي حياة شاب وفتاة..    إلى أين نحن سائرون؟…الازهر التونسي    أولا وأخيرا: لا تقرأ لا تكتب    افتتاح الدورة السابعة للأيام الرومانية بالجم تيسدروس    كاتب فلسطيني أسير يفوز بجائزة 'بوكر'    إيران تحظر بث مسلسل 'الحشاشين' المصري.. السبب    تعادل الأصفار يخيّم على النجم والإفريقي    بعد انفصال لعامين.. معتصم النهار يكشف سبب عودته لزوجته    إنتخابات جامعة كرة القدم: إعادة النظر في قائمتي التلمساني وتقيّة    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    بسبب القمصان.. اتحاد الجزائر يرفض مواجهة نهضة بركان    بطولة المانيا: ليفركوزن يحافظ على سجله خاليا من الهزائم    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    نابل: إقبال هام على خدمات قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمركز الصحة الأساسية بالشريفات[فيديو]    مشروع المسلخ البلدي العصري بسليانة معطّل ...التفاصيل    تونس تترأس الجمعية الأفريقية للأمراض الجلدية والتناسلية    الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع "حماس"    المعهد التونسي للقدرة التنافسية: تخصيص الدين لتمويل النمو هو وحده القادر على ضمان استدامة الدين العمومي    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة" تستقطب اكثر من 5 الاف زائر    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    اليوم.. انقطاع الكهرباء بهذه المناطق من البلاد    وزير السياحة: 80 رحلة بحرية نحو الوجهة التونسية ووفود 220 ألف سائح..    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    الكاف: إصابة شخصيْن جرّاء انقلاب سيارة    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    كاردوزو يكشف عن حظوظ الترجي أمام ماميلودي صانداونز    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تستهتر بلاعبين وفنانين على الأنترنيت: هل يحمي القانون حق الصورة؟
نشر في الشروق يوم 29 - 01 - 2010

كشفت العديد من الصور المنشورة على شبكة الانترنات أو الجرائد أو المجلات وغيرها من الحوامل... لشخصيات عامة ومسؤولين ونجوم من الفن والرياضة، آخرها صور للاعب المنتخب الوطني كريم حقي... عن معلومات بعضها هام وبعضها لا يتجاوز ما يحيط بالشخص الذي اصطادته عدسة مصوّر... لكن تلك الصور أثارت في المقابل مشاكل بلغت حد التقاضي.
أصبحنا إذن أمام مفارقة بين من يقول بأن نشر تلك الصور ينضوي تحت مبدأ الحق في المعلومة وبين من يتمسك بالحق في الصورة وعدم نشر ما يتعلق بالحياة الشخصية.
لكننا نتساءل، هل يمكننا نشر ما نشاء من الصور؟ هل من «حرمة» للصورة؟ ما هو الحد الفاصل بين الحياة العامة والحياة الخاصة للشخص؟ هل للانسان حق في صورته وسلطة عليها؟ هل تنتهي الحياة الخاصة للانسان بمجرد وفاته؟ هل للميت حق على صورته؟ هل أن حق الصورة يقتصر فقط على الاشخاص؟ أي حق للصورة المتعلقة بالممتلكات؟
يقول المبدأ العام «من حق أي إنسان أن يرفض نشر صورته وأن يطالب بالتعويض في حال نشرها دون إذنه».
لكن هل يشمل هذا المبدأ الشخصيات العامة كما الاشخاص العاديين؟
منطقيا فإن الحق في الصورة يختلف من الاشخاص العاديين الى الشخصيات العمومية في إطار نشاطها العمومي وليس الشخصي، لأن غاية نشر الصورة هي غاية إعلامية إخبارية وليس لغاية تجارية أو غيرها.
أمام هذه الثنائيات، أثيرت العديد من الاشكاليات بعد نشر صور سواء لاشخاص عاديين أو عامة قضايا بلغت المحاكم، إذ تبحث الجهات القضائية المختصة حاليا قضية نشر مجلة فنية لصورة ممثلة تونسية أثناء حصة التجميل. كما فوجئ عدد كبير من متصفحي الموقع الاجتماعي الالكتروني «الفايس بوك» بنشر صور خاصة بلاعب المنتخب التونسي كريم حڤي أو بنشر صور خاصة بعصام جمعة أو بإحدى الشخصيات العامة أو بالاستاذة الجامعية التي تم تركيب صورها على صور إباحية...
إذ لا أحد بمعزل عن إمكانية تعرّضه «للضرر» بنشر صورته، خاصة أمام التطور الهائل لوسائل الاعلام والتكنولوجيا الحديثة لذلك سعى المشرّع التونسي منذ البداية الى حماية كل ما يتعلق بالمعطيات الشخصية حتى قبل صدور القانون المتعلق بها سنة 2004 إذ نص الفصل التاسع من الدستور على أن «حرمة المسكن وسرية المراسلة وحماية المعطيات الشخصية مضمونة إلا في الحالات الاستثنائية التي يضبطها القانون».
حق الميّت في صورته
رغم أنه لا يوجد نص صريح عن حق الصورة إلا أن الفصل 63 من مجلة الصحافة ينص في فقرته الثانية على أنه «يسلط العقاب على من ينشر بطريقة النقل مهما كانت الوسائل لاسيما بالتصوير الشمسي أو النقوش المصوّرة أو الرسوم أو صور الاشخاص أو الافلام كلا أو بعضا من الظروف المحيطة بإحدى الجرائم أو الجنح المنصوص عليها بالفصول 201 الى 240 بدخول الغاية من المجلة الجنائية».
والفصول من 201 الى 240 من المجلة الجنائية هي المتعلقة بالقتل وبالعنف وبالاعتداء بالفواحش وبالاعتداء بما ينافي الحياء وبالتحريض على فعل الخناء وبقضايا الزنا والفرار بشخص.
ويمكننا أن نستنتج من خلال هذا الفصل بأنه يمنع نشر صور القتلى، وبالتالي الموتى، مما يعني بأن المشرّع يحمي صورة الميت، وبالتالي هناك «حرمة» لصورته، ويمكن لورثته تتبع «الجاني» لذلك فإن الحياة الخاصة للبشر لا تنتهي بوفاته، ومن القضايا المشهورة في تونس، هي التقاط احدى المؤسسات البنكية صورة لمبنى البنك لوضعها في «يومية» وصادف مرور شخص قرب المبنى، تفطن لاحقا ورثته بعد أن توفي الى وجود صورته في «يومية» البنك، فرفعوا الامر للقضاء الذي أنصفهم.
ومن القضايا المشهورة عالميا قضية نشر صور فرانسوا ميتيران، الرئيس الفرنسي الاسبق على فراش الموت ونشرها على مجلة «باري ماتش» «Paris Match».
حماية المعطيات الشخصية
كما أصدر المشرّع التونسي القانون الاساسي عدد 63 لسنة 2004 المؤرخ في 27 جويلية 2004 والمتعلق بحماية المعطيات الشخصية، والذي جاء بفصله الاول «لكل شخص الحق في حماية المعطيات الشخصية المتعلقة بحياته الخاصة باعتبارها من الحقوق الاساسية المضمونة بالدستور ولا يمكن أن تقع معالجتها إلا في إطار الشفافية والامانة واحترام كرامة الانسان وفقا لمقتضيات هذا القانون».
وعرّف المشرّع في الفصل الرابع المعطيات الشخصية على أنها «كل البيانات مهما كان مصدرها أو شكلها والتي تجعل شخصا طبيعيا معرّفا او قابلا للتعريف بطريقة مباشرة او غير مباشرة، باستثناء المعلومات المتصلة بالحياة العامة او المعتبرة كذلك قانونا». كما نصّ الفصل الخامس من نفس القانون على أنه«يعدّ قابلا للتعريف الشخص الطبيعي الذي يمكن التعرف عليه بصورة مباشرة او غير مباشرة من خلال مجموعة من المعطيات او الرموز المتعلقة خاصة بهويته او بخصائصه الجسمية او الفيزيولوجية او الاقتصادية او الثقافية».
فقه القضاء
أمام الضمانات القانونية التي يحمي فيها المشرّع حق الصورة ويدرجه ضمن قضايا النشر او المتعلقة بحماية المعطيات الشخصية، فإن الفصلين 82 و83 من مجلة الالتزامات والعقود ينصان على جبر الضرر في حال التسبب في الضرر سواء كان حسيا او معنويا.
وأمام عدم وجود قوانين تنصّ صراحة على حماية الصورة فلقد بحثنا في فقه القضاء اذ اصدرت محكمة التعقيب قرارا تحت عدد 19320 بتاريخ 25 جوان 2008 ينصّ على ان «محكمة القرار المعطون فيه (الاستئناف) اصابت حين اعتبرت ان الحق في ا لصورة من الحقوق الذاتية التي تدخل ضمن الحياة الفردية الخاصة، وأن نشر الصورة يستوجب ترخيصا مسبقا لصاحبها وأن عدم الحصول عليه من شأنه ان يمسّ من حرمته».
كما أصدرت المحكمة الابتدائية بتونس حكما استعجاليا تحت العدد 36442 بتاريخ أكتوبر 2005 غير منشور، حكما قضت فيه في قضية نشر صورة شخص باشهار تجاري دون علمه «بالإذن بإيقاف جميع الاشهارات التي تضمنت صورة الطالب والتي نشرت دون اذنه المسبق» واعتبرت المحكمة بأن الصورة من المتعلقات الخاصة بالفرد».
الحق في المعلومة ام احترام الخصوصية
مع ذلك فإن العديد من الاشكاليات القانونية والواقعية تظل قائمة وخاصة المتعلقة بثنائية الحق في المعلومة من جهة واحترام خصوصية الحياة الخاصة من جهة أخرى، اذ تذهب بعض وجهات النظر الى انه لا يمكننا شخصنة الموضوع اذا كان ضمن مجموعة لأن ذلك قد يتضارب مع الحق في المعلومة وهناك من يرى بأنه يجب التدخل عندما تكون الصورة موظفة لغاية تضرّ بصاحبها مثل توظيفها لغايات جنسية او تسويقية أو ارهابية...
إلا أن للقضاء التونسي رأيا آخر، وذلك من خلال ما ذهبت اليه محكمة الاستئناف بتونس في قضية بيع بطاقة بريدية تتضمن اشخاصا بينهم شخص بصدد بيع الزهور وأدرجتها في «يومية» (رزنامة سنوية) وقد رفع ورثة صاحب الصورة الذي توفي لاحقا مطالبين بالتعويض عن الضرر الناتج عن استعمال الشركة للصورة دون اذن صاحبها لغرض تجاري.
واعتبرت محكمة الاستئناف في قرار صادر تحت عدد 67367 بتاريخ 3 ديسمبر 1986 بأنه «ليس من الصفة الشرعية ان يتدخل المؤلف في الحياة الخاصة للناس لنشر احوالهم او عاداتهم او صورهم دون ترخيص اذ في ذلك نيل من الحرمة الشخصية لهم» وأضافت المحكمة «ان الشركة قد خالفت المبدأ المذكور وأساءت للورثة بنشر صورة مورّثهم دون علمهم مما يستهدفها للتعويض المالي».
من البعد الكلاسيكي الى البعد الافتراضي
يرى الأستاذ الحبيب بن زايد المحامي بأن القضاء التونسي طرح مسألة الأساس القانوني للتعويض عندما يتم مجرّد المساس بالحياة الخاصة او بالمعطيات الشخصية دون إذن الشخص المعني، وأضاف الأستاذ بن زايد بأنه لا يوجد نص قانوني خاص بحق الصورة ولكن المشرّع التونسي ضمّن هذا الحق في الدستور وفي القانون المتعلق بحماية المعطيات الشخصية وبالمجلة الجزائية وفي مجلة الصحافة وقال بن زايد: «ان القانون يحمي الصورة ويعاقب نشرها دون إذن صاحبها» من جهته قال الأستاذ منير بن صالحة المحامي والباحث إن حق الصورة هو حق مقدّس وإنه رغم صدور العديد من القرارات القضائية ورغم الفصول المتعلقة بحماية المعطيات الشخصية الا انه مازالت العديد من الاشكاليات التي يمكن اثارتها، والتي قد يعجز القانون بمعناه الكلاسيكي عن إيجاد اجوبة عنها فالمكان اليوم تغيّر من أبعاده الثلاثية الى المجال الافتراضي لنكون امام مجال هلامي يطرح أكثر من مشكل، لذلك يجب على المشرّع إعادة النظر في العديد من المسائل المتعلقة بحق الصورة سواء بالنسبة الى الشخصيات العامة او الفردية مع ضرورة مراعاة الحق في المعلومة».
«مشموم» في بطاقة بنكية!
في قضية مثيرة، نظرت فيها محكمة صفاقس الابتدائية نشرت شركة لإنتاج بطاقة بنكية عالمية معروفة صورة شخص تونسي وبيده «مشموما للياسمين» وذلك للترويج لتلك البطاقة البنكية في تونس دون ان يكون على علم او بيّنة فرفع أمره للقضاء ورأت المحكمة في حكمها الصادر بتاريخ 28 جوان 2004 تحت عدد 29953 «بأن نشر صورة المدّعي دون رضاه ودون علمه يؤلف الخطأ الذي يستتبع المسؤولية المدنية على مرتكبه، وإن استعمال صورة المدّعي لغاية الدعاية التجارية، فضلا عن أنه يمثل خطأ من جانب المطلوبة فإنه يمثل أيضا فعلا ضارا، إذ أن «الشركة المطلوبة حققت أرباحا» على حساب المدّعي، وإن الضرر المادي يتمثل فيما غنمته المطلوبة من أرباح من أعمال الدعاية للبطاقات المغناطيسية (البنكية) التي استعملت فيها صورة المدّعي، وطالما انتفعت المطلوبة بصور المدّعي، فهي ملزمة بالتعويض عن ذلك، وإن الضرر المعنوي يتمثل في التعدّي على حرمة الشخص وعلى حريته في تقرير أمر من الأمور المتعلقة بحياته الشخصية، كنشر صوره واستعمال اسمه المعروف لدى العامة في الدعاية لمنتوج».
السلطة على الصورة
من هنا يطرح اشكال الغاية من استعمال الصورة، ومن ثمّة يمكننا أن نطرح سؤالا حول الاستعمال الاخباري للصورة أو في حالة الدعاية البيضاء مثل حملات وزارة الصحة لمكافحة التدخين...
حسب المبدأ القانوني، فإن لكل انسان السلطة على صورته، ومن حقه ان لا يتم تداولها لدى العموم وهو ما أكّده قرار محكمة تونس الابتدائية عدد 56199 الصادر بتاريخ 23 جوان 2005 والذي ورد فيه «لا جدال في أن لكل فرد حق على صورته وعلى كيفية استعمالها» وهو نفس ما أكّدته محكمة التعقيب في القرار الصادر بتاريخ 25 جوان 2008 تحت عدد 19320 حين اعتبرت بأن «الحق في الصورة من الحقوق الذاتية التي تدخل ضمن الحياة الفردية الخاصة» وبالتالي فإن النشر يستوجب ترخيصا مسبقا من صاحب الصورة.
لكن ماذا لو كان صاحب الصورة رمزا من الرموز بمعنى أن حقوق الصورة حرّة، هل يعني ان استعمالها غير مرتبط بحدود؟
صورة غيفارا
لم نعثر في الارشيف القضائي في تونس عن قضية متعلقة بنشر صورة رمز من الرموز الوطنية مثل علي بن غذاهم أو خير الدين باشا او غيرهما... لذلك حاولنا الرجوع الى القانون المقارن، وتحديدا الفرنسي، إذ برزت قضيّة متعلقة بصورة الرمز الاممي الثائر «أرنستو تشي غيفارا» (Che Guevara) الشهيرة لصاحبها ألبرتو كوردا (Alberto Koda) فالمعروف ان تلك الصورة تعتبر ذات حقوق حرّة لذلك تعرض في المقابلات الرياضية وفي التظاهرات السياسية والنقابية والعمالية عموما كما تم طبعها على ملايين القمصان للترويج التجاري. لكن هذه الحرية في الاستخدام لا يعني انه يمكن استعمالها دون حدود وبشكل مطلق، ففي سنة 2000 استعملت شركة «سمير نوف» (Smirnoff) المتخصصة في صناعة الخمور صورة «تشي غيفارا» على قارورة لمنتوج كحولي للترويج له. رفعت قضية ضد الشركة وقضت محكمة فرنسية بادانة الشركة وتغريمها بمبلغ 50 ألف أورو لفائدة ورثة كوردا (Korda) مع منع ترويج البضاعة الكحولية بصورة التشي. مما يعني أنه لا يمكننا استعمال صور الرموز استعمالا مطلقا لكن بالمقابل، أي حماية للاطفال من استعمال صورهم خاصة أمام ظاهرة الترويج التجاري بصور أطفال؟
حماية صورة الطفل
لقد حمى المشرّع التونسي بشكل صريح الطفل في الفصل 97 من مجلّة حماية الطفل عندما نصّ على أنّه «في جميع الصور الواردة بالفصلين 120 و121 من هذه المجلّة تتولّى المحكمة وجوبا اتخاذ كافة الاجراءات الكفيلة بوضع حد للانتهاكات التي يمكن ان يتعرّض لها الطفل في حياته الخاصة كحجز النشريات أو الكتب او التسجيلات أو الصور او الافلام أو المراسلات أو أية وثيقة أخرى تمسّ من سمعته أو شرفه أو سمعة عائلته او شرفها»، لكن يظل الاشكال المطروح، خارج دائرة صورة الانسان،بمعنى هل يمكن استعمال صور الممتلكات؟ أي هل يمكننا نشر صورة منزل أو سيارة شخص دون إذنه؟
حماية صورة المملتكات؟
يقول الاستاذ الحبيب بن زايد المحامي، ان القانون لم يتحدّث صراحة عن ذلك، ولكن يمكننا أن ننطلق من المبدأ، وهو رغبة المشرّع في حماية الشخص من خلال حماية معطياته الشخصية فالسيارة مثلا أو المنزل هي من الممتلكات التي تدلّ على صاحبها، وبالتالي فإنه لا يمكن استعمالها مثلا لغايات تجارية دون ترخيص مسبق من صاحبها. لكن هل أن كل الممتلكات يمكن أن تدلّ على صاحبها وبالتالي تكون له السلطة عليها، مثل صور القطط او الكلاب، أو الحيوانات عموما؟
ومع كل ذلك فإن المشكل يبقى قائما لأنه متعلق بوضع انساني له استتباعات اجتماعية وقانونية وسياسية واقتصادية هامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.