السيد عيسى البكوش هو أحد الوجوه الوطنية التي كان لها إسهام في تونس المعاصرة بناء وتشييدا وفكرا وهو ضريح جامعة السربون بباريس اختصاص علم الاجتماع، وباحث في مجال العمران وتخطيط المدن، وهو ايضا وفوق ذلك كاتب يتميّز بأسلوب خاص، لغة وصورا وتعبيرا أصدر مؤخرا كتابه «شذرات» الذي قدم له الاستاذ الجيلاني بلحاج يحيى قائلا: أدعوك أيها القارئ الكريم الى أن تجلس الى مائدة هذه (الشذرات)، وتؤجل قراءة هذه الكلمات الى أن تشعر أنك أخذت نصيبك من هذه المائدة التي يقترحها عليك مضيفك الأستاذ عيسى البكوش، وقد أعد لك فوقها ما تروح به عن نفسك وينشرح له صدرك! إن كاتب هذه (الشذرات) كان طالبا، ثم اصبح باحثا اجتماعيا ورئيسا لبلدية مدينة أريانة، وهو الباعث لمهرجان (ورد أريانة)، ومؤسس ليالي أريانة الصيفية وهو ناشط ومنشط لعدد من جمعيات ثقافية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني، وهو شديد التعلق بالصحافة والاعلام حيث كتب عديد المقالات والدراسات في مختلف الجرائد والمجلات، وألف مجموعة من المؤلفات باللسانين العربي والفرنسي. عيسى البكوش ينحدر من عائلة (جربية) أصيلة وبالرغم من أن الحياة لفظته بمدينة أريانة، فهو متعلق بجزيرته حتى النخاع، كما أنه يحب مدينة أريانة حبا جنونيا. لقد كشفت لنا هذه الشذرات ان عيسى البكوش قصاص ماهر قادر على المؤانسة والإمتاع، وهو لطيف المعشر، خفيف الروح، حسن الأخلاق، فكه المحادثة بشوش ضحوك، لا تمل صحبته، ولا تسأم محادثته. أيها القارئ الكريم إن محتوى هذه (الشذرات) يدعوك بشوق الى زيارة بعض المدن التونسية التي تعلق بها المؤلف، فهذه قفصة وهذه الكاف، وتلك قليبية وبلاد الجريد وطبعا أريانة وجزيرة جربة الفيحاء، وتونس العاصمة وأحيائها العتيقة الجميلة.. فهذا الكتاب لا يقتصر على وصف هذه المدن والأحياء وحسب بل يُبحر في تاريخها وخصوصياتها ومميزاتها، مع التركيز على أجمل ما فيها. واذا تحدث هذا الكاتب القدير عن غير هذه المدن، فإنك ستكتشف انه يتمتع بثقافة واسعة، واطلاع عميق في مختلف شؤون الثقافة والفكر والحضارة العربية والاسلامية، متعلق بهويته، مؤكدا على مقوماتها وأبعادها. والملاحظ ان عيسى البكوش من حفظة الشعر العربي، ومن المتمكنين من الامثال العربية، ومن المطلعين على مختلف الفنون قديمها وحديثها، والعارف بأصحابها وروائع ابداعاتهم وعطاءاتهم. وخلاصة القول، فإن هذه (الشذرات) تجعلك تتجول في روضة زاهرة من التاريخ والجغرافيا والأدب والفن، ومن شعر طريف، ونثر لطيف، وأسلوب خفيف، ومواضيع تأخذ بمجامع القلوب.