تمشيا مع الاهتمام الذي توليه سياسة بلادنا للثقافة منذ فجر التغيير المبارك والآمال التي تُعلّق عليها كرافد من روافد التنمية يُعزز سيادتها ويحافظ على هويتها، نظمت مندوبية الثقافة والمحافظة على التراث بأريانة ندوة عمل تندرج في اطار المساهمة في تفعيل الفقرة 20 من النقطة 18 من البرنامج الانتخابي لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي، تحت اشراف السيد والي أريانة الذي حضر نيابة عنه السيد المعتمد الاول وبحضور رؤساء اللجان الثقافية والجمعيات ومديري دور الثقافة ومبدعي الجهة ومثقّفيها. قبل ان يفسح المجال التطارح والتحاور ألقى السيد مندوب الثقافة بأريانة كلمة حوصل فيها أهم النقاط التي تكوّن محور الندوة ومنطلق النقاش فيها، مبرزا أهمية الثقافة وتأثيرها في المجتمع داعيا كل الأطراف المعنية والقوى الحية في المجتمع الى الانخراط في مسيرة العمل الثقافي والمساهمة في النهوض به وختم بعرض بعض المعيقات والنواقص التي تقف في سبيل انتشار الانتاج الابداعي وتقلّص نجاحه. بعد ذلك مباشرة وزّع السيد عيسى البكوش الذي ترأس الجلسة وأضفى عليها وشيا من طرافة القول وعطر البيان والكلم فتناولها المبدعون ورؤساء الجمعيات واللجان الثقافية الذين أكدوا في سياق حديثهم على أهمية الخصوصية الثقافية للجهة ودعوا الى ابرازها كعنصر مميّز لأريانة وبالطبع كان الورد الذي لم تحظ أريانة منه بغير اسمه، يتصدّر مقترحاتهم، فطالبوا بتكثيف زراعته واحداث حديقة كبيرة خاصة به، وجعل المهرجان الثقافي الحامل لاسمه اكثر اشعاعا واتقانا. كما طالبوا بالتفكير في انشاء متحف يجمع تراث الجهة وملامحها التي تجب حمايتها من التلاشي والاندثار، ورأى بعضهم الاخر ان الثقافة لا يمكن ان تنجح بعيدا عن النبتة الاولى أو المنطلق الذي يكمن في الاهتمام بالناشئة ورعايتها وتأطيرها داخل ورشات ونواد بدور الثقافة وبالمدارس والمعاهد وذلك يتطلّب تنسيق الجهود وتضافرها بين مندوبية الثقافة والمحافظة على التراث بأريانة وباقي الأطراف الاخرى من مسؤولين على التربية والتعليم ورؤساء جمعيات ومديري دور الثقافة، ودعوة مبدعي الجهة وتشريكهم بتوظيف خبراتهم والاستفادة منها داخل هذه الورشات والنوادي ومن هنا تم التطرق الى مسألة الارتقاء بذائقة الناس وتوجيههم الى الفن الراقي وحماية أجيال الراهن والمستقبل من التلوّث الثقافي الزاحف مع التكنولوجيات الحديثة، كما يجب التصدي للميوعة الشوارعية التي أصبحت تهدد اللغة العربية بالانقراض من خلال ادراج المسابقات الادبية والفكرية في أنشطة تدعمها الى جانب وزارة الثقافة المؤسسات الاقتصادية، ولمّح البعض الى نقص فضاءات العرض بأريانة التي تعجّ بالطاقات الابداعية الخلاقة وتزخر بالمبدعين والمثقفين. اما النقطة الأكثر طرافة في الجلسة فهي تبادل التهم بين الاعلاميين والناشطين، حيث يرى كل منهم ان الآخر هو المقصّر في حقّه: الاعلامي يشكو نقص المعلومة والناشط يتذمّر من انعدام الاعلام... والنتيجة هنا تبقى واحدة والمسؤولية مشتركة لذلك وجب على الجميع بما في ذلك المبدع والمثقف ان يتداركوا الامر ويكثّفوا الجهود حتى تبقى تونس منارة للثقافة مشعّة على الدوام وحتى تكون الثقافة سندا فاعلا للتغيير وفي مستوى ثقة سيادة الرئيس زين العابدين بن علي بها، وهو الذي أولى الابداع والمبدعين بالغ عطفه واهتمامه من اجل ازدهار تونس وتميّزها في الداخل والخارج.