دعم جديد ستشهده التنمية الاقتصادية والاجتماعية بولاية مدنين خلال الفترة القادمة، يضاف الى ما راكمته من مكاسب ضاعفت حجم المنجز خلال عقدين ونيف، وعكست الاهتمام الرئاسي المتزايد بهذه المنطقة، والذي تجدّد أمس عبر رزمة من الاجراءات والقرارات بشّر بها رئيس الجمهورية عبر الجلسة الممتازة للمجلس الجهوي. وفي الحقيقة فإن ولاية مدنين، حارسة حدودنا الجنوبية، تعدّ منطقة تنمية جهوية متميّزة، تنعم بقاعدة اقتصادية ثرية ومتنوّعة تقوم على الفلاحة والسياحة ويرفدها فضاء الانشطة الاقتصادية بجرجيس وعدد من المواني ومطار دولي نشيط. وقد تكون هذه الولاية من بين أفضل الولايات رفاهة، اذ تتضاءل بها نسب البطالة ومناطق الظلّ، ويرتفع فيها دخل المواطنين ومستوى عيشهم. وإذا كانت الطبيعة قاسية نوعا ما بهذه الربوع وأساسا من حيث نقص كميات الامطار وزحف الصحراء، فإن قرارات الرئيس ستزيل هذه العقبات عبر دعم المناطق السقوية الصغرى وتحسين ظروف العيش بالوسط الريفي، وكذلك بتثمين ثروات الصحراء عبر بعث قطب تكنولوجي يرعاه معهد المناطق القاحلة، أحد قلاع البحث العلمي المتألقة في تونس وفي محيطها. القطاع الصناعي سيشهد بدوره دفعة مهمّة من خلال المناطق الصناعية والتكنولوجية وهي فضاءات ستساهم في مزيد تثمين منتوجات الجهة واستقطاب استثمارات هامة وطنية وأجنبية، تجذبها عوامل عديدة قلّما تجتمع في منطقة واحدة وهي مطار دولي ذو حركية محترمة وميناء تجاري متطوّر ومؤهل الى أن يتحوّل الى قاعدة لوجستية كبيرة على مرمى حجر من فضاء اقتصادي متعدّد الانشطة والاختصاصات. الاستثمارات العملاقة قد تتدفق على الولاية عبر مشروعين سياحيين عملاقين بصدد الانجاز قد يرفعان منطقة جربة جرجيس السياحية الى الأعلى ويجعلانها وجهة مفضلة ومتميّزة في المتوسط وربما في العالم بفضل ثراء وتنوّع منتوجها السياحي. الحراك الاقتصادي قد يدعمه أيضا وصول الطريق السيارة اليها كجزء أخير من الطريق السيارة المغاربية بما ييسر أكثر حجم المبادلات التجارية والتدفق السياحي مع الجماهيرية بدرجة أولى. وستنفرد الولاية في تونس وربما في افريقيا والشرق الأوسط، بانجاز أول محطة لتحلية مياه البحر بتدفق عال، وهو ما سيحسّن من نوعية مياه الشرب ومما يثلج الصدر في قرارات الرئيس أمس أنها استهدفت كل المعتمديات وشملت كل القطاعات التنموية والحياتية واستجابت تقريبا لكل التطلّعات والانتظارات، وعبّدت طريق رفع التحديّات وألزمت الأهالي بردّ الجميل عبر المثابرة والاجتهاد والمساهمة في كسب الرهانات.