مازالت جريمة غزو العراق تبوح بالمزيد من الأسرار والتفاصيل التي تكشف أن هذه الجريمة قد دبّرت ونفّذت مع سبق الإضمار والترصد.. الجديد جاء هذه المرة من مذكّرة سرية للحكومة البريطانية كشفتها صحيفة «التايمز» وتحمل اسم «العراق.. إطار سياسي جديد».. وتنص أساسا على أن بوش وبلير سيستخدمان تعلّة حيازة العراق لأسلحة دمار شامل مزعومة لغزو العراق.. في الظاهر للبحث عن هذه الأسلحة المحظورة وفي الباطن لتغيير النظام في العراق.. وذكرت الوثيقة ان إدارتي بوش وبلير سوف تعملان على جعل الشعب العراقي يبتلع الطعم من خلال القول بأن «غاية الغزو هي تقديم الحرية والديمقراطية والحياة الأفضل للعراقيين».. وحتى تكتمل الفضيحة، فقد ذكرت الصحيفة أن الوثيقة تعود الى مارس 2001 أي قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر بحوالي تسعة أشهر بالتمام والكمال وهو ما يسفّه مزاعم بلير قبل يومين أمام لجنة التحقيق حين زعم بأن التفكير في غزو العراق بدأ إثر أحداث سبتمبر 2001.. هذه الفضيحة المدوية تضعنا أمام أحد احتمالين: 1 ) أما أن بوش وبلير كانا يعلمان بأن أحداثا جساما سوف تجدّ في سبتمبر 2001 ليعملا على إعداد خطة غزو العراق منذ شهر مارس 2001. 2) أو أن أحداث 11 سبتمبر نزلت الى بوش وبلير كهدية من السماء لتوفّر لهما الغطاء والذريعة لتنفيذ خطة كانت جاهزة ولا تنتظر إلا توفّر ظروف التنفيذ. ومهما يكن فإن المؤكد هو أن جريمة غزو العراق قد تمّت مع سبق الإضمار والترصد.. والمتابع ليوميات الغزو منذ أفريل 2003 يتأكد بأن قوات الاحتلال كانت تنفذ تفاصيل خطة موضوعة سلفا... خطة ركبت مزاعم جلب «الحرية والديمقراطية» للشعب العراقي ومضت الى تهيئة الأرضية لصياغة ما سمّي ب «الشرق الأوسط الجديد» المعتمد أساسا على تغيير أنظمة الحكم وتفتيت الكيانات القائمة لإعادة تشكيلها بشكل يجعلها كيانات أصغر وأضعف وتدور في فلك السياسات الأمريكية وتخضع للوكيل الأمريكي في المنطقة وهو الكيان الصهيوني.. إن هذه الوثيقة السرية التي كشفتها صحيفة بريطانية تكفي لتكون دليل إدانة قاطع لإدارتي بوش وبلير اللتين خططتا ونفذتا جريمة الغزو والاحتلال بدون مسوغات قانونية ولا أخلاقية.. ولأهداف بعيدة كل البعد عن خدمة الأمن والسلم الدوليين وبالنظر الى الدمار الشامل الذي حلّ بالدولة العراقية وبقيادتها وبمؤسساتها وبالشعب العراقي الذي دفع ملايين الضحايا وملايين المهجرين والمشردين، فإن هذه الجريمة لا ينبغي أن تمرّ في صمت بعد أن شهد شاهد من أهلها... ومن يضمن بعد هذا سيادة واستقلال وسلامة أية دولة... لو قبل المجتمع الدولي والضمير الانساني أن تبقى جريمة غزو واحتلال العراق.. جريمة... بلا عقاب.