المتجول في أرجاء العاصمة يلاحظ تفشي ظاهرة تغطية الرأس بمظلة رعاة البقر وأبطال أفلام «الوستارن» ويؤكد بعضهم من باعة ومواطنين ان هذه المظلات قضت فعلا على المظلة التونسية الاصيلة التي لا تزال صامدة رغم هبوب رياح العولمة وحدوث تغييرات جذرية في سلوكيات وعادات الشباب والكهول على حد السواء. فما هي حقيقة الامر؟ وما هو رأي الباعة في انتشار الظاهرة التي بلغ صداها الجهات الداخلية لتونس؟ **في الداخل يقول الشاب صابر العيساوي وهو فنان تشكيلي صاعد التقنياه رفقة الرسام الكبير عمار بلغيث عن هذه الظاهرة : «لم يعد الامر مقتصرا على العاصمة فقد لاحظت شخصيا ان شباب وفلاحي ولاية الكاف مسقط رأسي احتمووا بالمظلة الأمريكية الاصل من حرارة الشمس بدلا من المظلة التونسية التي بدأ يتقلص حضورها في حياتنا اليومية». ويضيف صابر قائلا : «تتميز مظلة رعاة البقر سواء من أمريكا او كندا او أستراليا بعدة خصوصيات أهمها الجمالية بالمقارنة مع المظلة العادية، ورخص الثمن الذي لا يتجاوز الدينارين ونصف مما شجع الشبان على اقتنائها واستعمالها في جولاتهم وسهراتهم ولقاءاتهم اليومية، كما انها أخف وزنا من المظلة التونسية، وترمز في ذهن بعضهم الى قيم الرجولة والبطولة رغم انها مرتبطة بدولة مسيطرة على العالم وتمارس غطرستها وجبروتها على الجميع». **الثمن أولا ويكفي القيام بجولة سريعة في الاسواق الشعبية للتأكد من مدى انتشار المظلات الجديدة التي يتهافت عليها المراهقون والشبان وحتى الكهول، وخلافا للقول السائد بأن المظلة الأمريكية أفضل من التونسية أكد السيد وليد معالج (صاحب كشك بالعاصمة) ان الثمن المنخفض هو السبب الرئيسي لانتشار هذه المظلات في صفوف الشباب. كما انها معروضة بشكل جيد وفي كل الفضاءات والاسواق العامة بينما تشكو «المظلة التونسية»من ارتفاع ثمنها نسبيا، وقلة عرضها بالمقارنة مع المظلات الجديدة» ويضيف وليد مبررا موقفه : «التونسي لا تهمه النوعية بقدر ما يركض وراء السلع الرخيصة الثمن، وبمجرد عثوره على سلعة جديدة منخفضة الثمن يعرض تماما عن السلعة القديم بتعلة التجدد واتباع الموضة والتقليعات الحديثة. **تفسير اجتماعي ويؤكد علماء الاجتماع ان التقليعات التي يلجأ اليها الناس في كل مرة ويحرصون على الظهور بها في حياتهم العادية تدل على رغبة دفينة في التماهي مع الآخر واستنساخ شخصيتهم رغم اختلاف العادات والتقاليد ورفض المجتمع لبعض التقليعات مثل مظلة رعاة البقر التي تشير الى الغطرسة الامريكية والملابس الفاضحة لنجمات هوليوود التي تتناقض مع طبيعة مجتمعاتنا المحافظة. ويرى هؤلاء أن هذه الظواهر عرضية ووقتة في الغالب ونادرا ما تترسخ في النسيج الاجتماعي لأنها مستمدة من عادات هجينة ومخالفة للعرق والتقاليد السائدة.