وجهت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس العاصمة مؤخرا تهمة القتل على وجه الخطإ المنجرّ عن حادث مرور والمقترن بالفرار بقصد التفصي من المسؤولية الجزائية في القضية التي عرفت بقضية العمدة بأحد الأحياء القريبة من العاصمة والتي ذهب ضحيتها شاب في عقده الثالث مخلّفا وراءه أرملة و3 أبناء قبل حوالي 10 أشهر. وكانت القضية شهدت عدة تطوّرات إثر تسجيلها بداية في خانة الحوادث مجهولة المرتكب لولا الرقم المنجمي الذي تم العثور عليه على مقربة من مكان الحادث والذي أدى الى كشف جزء من الغموض الذي اكتنف القضية لأكثر من شهرين. وحسب ما جاء في ملف القضية فإنه بتاريخ يوم 29 مارس الفارط وحوالي العاشرة ليلا وردت مكالمة هاتفية مفادها حصول حادث مرور بالطريق السريعة الغربية والجنوبية على مستوى حي هلال متمثلة في انزلاق دراجة نارية براكبها وبتحوّل سيارة الاسعاف على عين المكان وأعوان الامن تم العثور على رقم بلدي لسيارة اجرة مهشم وبإجراء بحث حول الرقم تبيّن أنها تابعة لأحد الأشخاص بالجهة. وبنقل المصاب الى المستشفى لفظ انفاسه في نفس اليوم وهو الشاب علي الشنيتي متزوّج وله أبناء. إنكار وبسماع صاحب سيارة الأجرة الحاملة للرقم المنجمي المتواجد بمسرح الواقعة أنكر جملة وتفصيلا علاقته بالحادث ولاحظ ان الاضرار التي عاينها اعوان الامن بسيارته هي اضرار قديمة جدا سبق وأن قام باصلاحها بمستودع مختص قبل حوالي 7 أشهر فتم تحرير محضر في الغرض احيل على انظار النيابة العمومية التي أذنت بفتح بحث تحقيقي. وبسماع المظنون فيه مجددا تمسّك بتصريحاته المسجلة عليه لدى باحث البداية نافيا ارتكابه لحادث المرور محققا بكونه لو ارتكب حادثا لتولى الاعلام عنه خاصة وأنه يدرك مدى خطورة جريمة الفرار بوصفه يشغل خطة عمدة كما انه لا يوجد شيء يحثه على الفرار اعتبارا لكون جميع وثائقه سليمة وسارية المفعول اما بخصوص الرقم المنجي الذي وقع العثور عليه بمكان حصول الواقعة فأفاد انه افتقدها في تاريخ لا يعرفه وقد استعمل رقما منجميا ثانيا لتعويض الرقم الأول المفقود مؤكدا ان الأضرار اللاحقة بالسيارة وبمقدمتها كانت بسبب محاولة دخوله لمستودع منزله ليس إلا وأنه نسي فقط اعلام السلط الأمنية بخبر ضياع الرقم المنجمي الاول. اللوحة المنجمية لسيارة الأجرة وبسماع أعوان الأمن شهود العيان على مكان العثور على الرقم المنجمي ذكروا انهم عاينوا إبان الاعلام عن الحادث على جثة الهالك ملقاة بالحاشية اليمنى للمعبد حسب الاتجاه نحو الطريق السريعة المؤدية الى جهة باجة وقد كانت بالقرب منها وعلى بعد حوالي مترين بنفس الحاشية دراجة نارية ملقاة وتحمل اضرارا على مستوى مؤخرتها وقد لاحضوا أثناء عملية المعاينة وجود لوحة ترقيم بلدي بلاستيكية مهشمة تابعة لسيارة اجرة تم تسليمها لباحثي البداية. الاختبار الفني أكد الحادث وبسماع شخص يشرف على محل لإصلاح السيارات أفاد ان المظنون فيه يتردد عليه لدهن سيارته وفي تاريخ لم يعد يذكره قام له ببعض الاصلاحات لكنه لم يعد يذكر طبيعة تلك الاصلاحات وبعرض السيارة على الاختبار الفني تبيّن انها مرتكبة لحادث حديث. التقرير الطبي وبعرض جثة الضحية على الفحص الطبي تبيّن ان الوفاة لها علاقة بالحادث وأن هلاكه كان ناجما عن ارتجاج عنيف بالجمجمة وعدة كسور بمختلف أنحاء جسمه ومن المرجح ان يكون تعرض لصدمة من الخلف حين كان ممتطيا لدراجته النارية بواسطة سيارة أخرى. وأكد التقرير الجنائي بخصوص الاختبار المجرى بواسطة خبير في الميكانيك ان السيارة المعنية بحادث المرور تحمل آثارا ناجمة عن اصطدام جانبها الأيمن مع جسم صلب أمامها وأنه تم اصلاحها بطريقة سيئة وصقلها ودهنها كما ان الرقم المنجمي المتواجد على سطح السيارة غير مثبت مما يسهل انتزاعه وبالتالي فإن السيارة من الممكن ان تكون هي المتسببة في حادث المرور القاتل. ورأت الدائرة المختصة ان تمسّك المتهم بالإنكار مردود عليه لتعارضه مع القرائن التي تدينه بالقضية وقررت الدائرة قبول مطلب الاستئناف شكلا ورفضه اصلا مع تأييد القرار المطعون فيه وتوجيه تهمة القتل على وجه الخطإ المنجرّ عن حادث مرور بسبب عدم أخذ الاحتياطات اللازمة أثناء السياقة والمقترن بالفرار بقصد التفصي من المسؤولية الجزائية على المتهم. ومن المنتظر ان تنظر الدائرة الجنائية بابتدائية تونس في القضية يوم الخميس 25 فيفري القادم.