اختار الفنان عبد الرحمان الشيخاوي أن يعرّف بالمخزون الغنائي النابع من التراث ورفض كل صفقة تنسب إليه ليعتز بصفة «الغناي» (مؤدي الأغاني التراثية ليوظفها في عمل فرجوي يجمع بين موهبته وتكوينه الأكاديمي في المسرح ...) عبد الرحمان الشيخاوي وبعد سطوع نجمه في الساحة الفنية اثر تأدية أغان تراثية تخص البيئة التي عاش فيها وبالتحديد ولاية الكاف ليحاول جاهدا التعريف بأغاني الشمال الغربي .. ويعتز الشيخاوي بصفة «الغناي» وهي صفة سوسيولوجية اذ أن مردد الأغاني التراثية تطلق عليه هذه الصفة .. على مر الأجيال ورغم ان له القدرة على تأدية جميع الأنماط الغنائية فإنه اختار احياء أغاني التراث ليعلل أنها تحكي عن واقعة ونابعة من وجدانه ليضيف أنه على «الفنان» والتي يرفضها هذه الصفة - أن يعبر عن ذاته ولا يمكن له أن يخرج عن نطاق البيئة التي عاش فيها .. ليوصل الصورة الغنائية لهذا الجيل والتي جمعت وقائع تاريخية وأحداث بصورة جميلة دون شوائب او «روتوشات» كما يعمل عديد الفنانين الذين يقتاتون من أغاني التراث وإحيائها تحت لغة التهذيب لتكون نهايتها التعذيب والتخريب .. لماض جميل ... وأشار عبد الرحمان الشيخاوي الى أن تكوينه الأكاديمي في ميدان المسرح لا بد ان يوظف في عروضه لأن العرض حسب تعبيره هو فرجوي بالأساس فالحضور الركحي وطريقة - نيل اعجاب الحضور لا بد أن تكون منسجمة ومعبرة للكلمات المنطوقة والموسيقى المصاحبة لها. واجابة عن سؤال أنه ورغم طاقاته الصوتية الجيدة فانه خير التواكل والاعتماد على التراث فقد أجاب بأن النبش والبحث عن الأغاني التراثية الجميلة تعتبر أصعب وأكثر ارهاقا من البحث عن أغنية لا تحمل مواضيع قيمة كتبت في أركان مقاهي ... وبين ان تطور اغنيتنا يكمن في ايصال الأغنية التراثية كما هي في انتظار ان يحاول الشعراء الغنائيون محاكاتها .. ومن جانب آخر فقد صرح الشيخاوي أن البيئة التي عاش فيها تدفعه الى توجهه الذي يعتز به ويستشهد أنه في عديد المقاطع الموسيقية والغنائية تتولى والدته الاصلاح وتبليغها كما حفظتها عن أجيالها السابقة. وفي الوقت الراهن ينكب «عبد الرحمان الشيخاوي» على ايصال صورة أخرى من الأغاني التراثية ليختار الأغنية الصوفية وبالأحرى أغاني الحضرة وهو بصدد تسجيل أغنية للشيخ محمد بن خليفة .. وختم عبد الرحمان الشيخاوي حديثه أنه على الفنان الباحث عن التراث أن يقدم الصورة الغنائية كما هي لا أن يسقط في فخ المحاكاة وبالتالي تهميش هذا النمط وسقوطه داخل أنماط غنائية هجينة قد تفسد الذوق وتساهم في تدني الأغنية التونسية عموما.