حوار وإعداد: فاطمة بن عبد الله الكراي يقول صاحب المذكرات، وهو يتحدث عن اكتشاف النفط في تونس، ان سؤال حيرة تملّكه تجاه امكانية وجود نفط في تونس، خاصة وأن يمين ويسار الصحراء التي تنقّب فيها شركة «SERERT» فيهما النفط (اي الجزائر وليبيا) لذلك كلف الوزير التونسي (بن صالح) الباحث ماتيي لكي يتولى التنقيب عن النفط، وكان الأمر كذلك.. و«ماتيي» هذا، هو خبير ايطالي، كان قد خلّص رئيس الحكومة الايرانية محمد مصدّق، بداية الخمسينات، من الشركات النفطية الكبرى المهيمنة على سوق النفط.. يواصل صاحب المذكرات قصة النفط مع تونس فيقول: «لم يفت وقت طويل، على عملية البحث والتنقيب للفريق الذي بعث به ماتيي ويقوده أستاذ مختص، الى تونس، حتى جاء في يوم، ممثل ماتيي الى مكتبي دخل المكتب، وقبل أن يتفوّه بأية كلمة، نظر يمينا ويسارا ووراءه، حتى يتيقّن بأننا على انفراد (يضحك) وقال لي بصوت خافت: «إني أعلن لك أننا وجدنا البترول، فهنيئا لنا جميعا..». قلت سائلة: وهل كان في الأمر سرّا، حتى يأخذ كل هذه الاحتياطات؟ فقال: «هذا سرّ كبير... خاصة أن الشركة او الفريق الذي اكتشف البترول في تونس لا ينتمي الى الشركات العادية لأن «ماتيي» كان يعتبر عدوّا للشركات الغربية المعروفة والمهيمنة على سوق النفط.. ف «ماتيي» MATTEI وكما ذكرت لك سابقا، هو من الذين اتّكل عليهم «مصدق» ليتخلص من كابوس الشركات البريطانية.. هم يعتبرونه عدوّا». قلت: الشركات الاحتكارية ، فقال: الشركات الكبرى المهيمنة على قطاع البترول.. فهم يعتبرون ماتيي عدوّا لهم.. وقد قُتل في مدة لاحقة... وهناك شريط سينمائي مشهور عن حياته.. المهم، ان «المبعوث» الايطالي من فريق التنقيب، ولما قال لي السرّ، وقال مبروك علينا جميعا، شكرته، وأعلم ماتيي، وعندها دعاني الايطاليون.. الى بلدهم..» وهنا سألت «سي أحمد»: ماذا فعلت بعد ان علمت كيف تصرّفت في هذا السرّ الكبير؟ فقال: «عندما جاءني ممثل الفريق الايطالي بالخبر، من الأستاذ المشرف على الفريق فريق التنقيب الايطالي، طلبت الرئاسة (قرطاج) عبر الهاتف فقالت لي المسؤولة عن الهاتف: الرئيس ليس وحده ولا يمكن ان أوصلك به عبر الهاتف..» طبعا لم تقل لي من الشخصية التي كانت في اجتماع مع بورقيبة، ولكن تبيّن فيما بعد انه أحمد الشقيري (الزعيم الفلسطيني الذي سبق عرفات)... عاودت الاتصال اربع او خمس مرات عبر الهاتف، قصد الاتصال بالرئيس، لأعلمه بالخبر ولكن دون جدوى.. فقد كان الاجتماع متواصلا، مع تلك الشخصية... التي كما قلت لم أكن أعرف حينها أنه الشقيري.. وأمام هذه الوضعية ما كان مني سوى ان استقليت سيارتي، وتوجهت الى قصر قرطاج، اذ لا استطيع ان لا أعلم «بورقيبة» شخصيا بهذا الخبر المفرح... ثم إنه يجب ان أكون على انفراد معه... ذهبت الى القصر إذن، لأنتظر الرئيس هناك.. وعندما دخلت القصر، كان لابدّ وأن أنتظر حتى تنتهي المقابلة، حيث علمت ساعتها ان ضيف بورقيبة كان أحمد الشقيري.. قصة تلد أخرى، هكذا، الأحداث والمعلومات التي يوردها «سي أحمد» عبر هذا الركن.. فكيف علم بورقيبة بالخبر... وما الذي حدث في الأثناء.. ؟ هذا ما سنراه لاحقا إن شاء الله..