حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي مازالت الفترة التاريخية التي تسبق بدايات الأزمة (1968)، ومؤتمر بنزرت 1964، تثير اهتمام العديدين... لهذا، أردنا تناولها مع «سي أحمد» بن صالح، بأكثر ما يمكن من توضيحات ومعلومات... يقول «سي أحمد» بن صالح: «إن تلك الفترة من الستينات، عرفت ما يسمّى بالتصريح الجبائي الموحّد «La déclaration unique des impots»، أي أن تونس عرفت تطوّرا في المجال الجبائي وأصبحت مثلها في ذلك مثل البلدان المتطوّرة... فقد كان المواطن، قبل تلك الفترة وقبل ذاك القانون، يعدّ تصاريح عديدة، إذ كلّما دفع الأداء، يجب أن يقدّم تصريحا بخصوصه، فما كان منّا، إلا أن وحّدنا الأداء كعملية، وعملية الرقابة، فأصبحت الناحية التنظيمية، وأذكر أن مدير الاداءات، هو محمد السبع (من المهدية) وعوّضه عثمان كشريد على رأس نفس الادارة». وهنا، ولما استذكر اسمه، قال صاحب المذكّرات إن «عثمان كشريد الذي تولّى إدارة الاداءات بالوزارة (المالية)، وقع تعيينه مديرا لديوان التجارة وكان رجلا جديا، «وقد جاءني يوما، وبدون موعد، وطلب اعفاءه من مهامه... أي ليقدّم استقالته، وهو على رأس ديوان التجارة لأن حادثة، سنرويها في الإبان، وقعت له مع «زرق العيون»... كانت هذه نقطة، جديدة عرفتها تونس مرحلة الستينات، لكن أمرا آخر، حدث بعد مؤتمر الحزب ببنزرت سنة 1964، ويهمّ الثروة النفطية التي اكتشفتها تونس في البرمة... وعن هذه القصّة يقول صاحب المذكّرات: «في ذاك الظرف، وبعد مؤتمر بنزرت وقبل سنة 1968، كتب لنا والحمد لله أن وجد البترول في تونس،والقصّة كما يلي: عندما كنت مسؤولا في الحكومة (المالية والتخطيط وما بينهما من تجارة وصناعة وسياحة...) كان نشاط شركة الاستغلال والتنقيب عن النفط (SEREPT) ثلاثون سنة، ولم تجد نفطا... أي منذ زمن الاستعمار... كانت هناك ميزانية محدّدة للأبحاث والتنقيب، لكن دون جدوى، وكنت أتساءل من الجهتين عن النفط... وكيف أنه عائم على اليمين وعلى اليسار أي الجزائر وليبيا». قلت: ماذا فعلت؟ فردّ: سمعت في الأخبار عن المستشار الايطالي ماتيي، الذي خلّص «مصدّق» (رئيس وزراء ايران في الخمسينات) من الشركات البترولية العالمية. وما تيي «Mattei» هو الذي كان مسؤولا عن معهد عال حوّل ايطاليا من بلاد فلاحية الى بلاد صناعية... وبذلك استفادت إيطاليا من التقدّم العلمي الذي جد عندما بدأت تعمل على التحوّل من بلد فلاحي الى بلد صناعي... ماتيي MATTEI كان معروفا، وهو يدير المعهد الاعلى للتصنيع في ايطاليا،وكما قلت لعب دورا في اقتصاد ايطاليا وكذلك في ايران عهد الوزير الاول محمّد مصدّق... وحين أمم النفط الايراني على أيدي مصدّق، كان «ماتيي» وراء تخليص ايران ونفط ايران من الشركات النفطية الكبرى... تعرّفت على ماتيي MATTEI في ايطاليا، في احدى الزيارات الرسمية عندما كنت في الحكومة، وارتبطت بيننا علاقة وديّة وخاطبته في موضوع تونس (أوائل الستينات) وعملت على أن يعتني بالبحث عن «البترول» أمام فشل SEREPT (شركة التنقيب عن النفط) لمدّة لا تقل عن 30 سنة وكان الامر كذلك، وبعث ماتيي بعد الاتفاق مجموعاته من الخبراء والمهندسين للبحث والتنقيب عن «البترول» مع فريق يشرف عليه أستاذ جامعي..». هل وجد البترول على أيدي هؤلاء الايطاليين؟ هذا ما سنراه غدا إن شاء الله... فالى حلقة قادمة...