شكاوى وتذمّرات عديدة ما فتئ فلاحو المناطق السقوية يعبرون عنها بسبب ما يلاقونه في تعاملهم مع الجمعيات المائية التي تتولى الإشراف على عمليات توزيع المياه. اذ يعتبر عدد كبير من أصحاب المقاسم الفلاحية ان هذه الجمعيات عليها ان تقوم بدور توزيع الماء بشكل عادل يستجيب لحاجة كل فرد كما عليها ان تتولى صيانة معدات الضخ وقنوات التصريف وتأطير جهود المنخرطين بما يعود بالمصلحة على الجميع. غير ان الواقع يشير الى غير ذلك تماما إذ أن كميات المياه غير منتظمة وتنقطع من حين الى آخر بسبب قدم الآبار ونضوبها كما ان خزانات تجميع المياه صغيرة الحجم والمحرّكات الكهربائية التي تتولى عمليات الضخ كثيرة العطب إضافة الى ان القنوات التي تؤمّن عمليات التوزيع تعجز غالبا عن القيام بمهمتها على الوجه المطلوب. ويعتبر الفلاحون ان هذه الصعوبات التي يواجهونها يساهم في تراكمها المشرفون على تسيير هذه الجمعيات بسبب ضعف تكوينهم في مجال التأطير وقلة خبرتهم في التعامل مع الوضعيات المستجدة، إضافة الى الاسئلة الكثيرة التي تطرح حول أهليتهم للوصول الى مواقع التسيير وشفافية عمليات الانتخاب التي تتم في هذا الغرض. دور هام السيد عبد الحميد منجة رئيس مصلحة النهوض بالمجامع المائية بوزارة الفلاحة أكد في حديثه عن الموضوع على أهمية دور الجمعيات المائية في التصرف في الموارد المائية في إطار مجموعات محلية تتم إدارتها من طرف هيئة ينتخبها المنتفعون تتولى التسيير الفني والمالي والإداري للمشروع وتسهر على صيانة المعدات وحماية المياه من التلوث ومنشآت المشروع من العبث والهدف استخدام المياه بشكل متكافئ والتركيز على الاستغلال المشترك، وحين يتم ملاحظة تقصير أو سوء إدارة او عجز مالي ينجرّ عنه صعوبات في تسيير هذه الجمعيات تتولى الجهات المعنية التدخل بالارشاد والتوجيه والمتابعة والدعم المالي عند الضرورة وشدّد المتحدث على أن هذه الجمعيات تقوم بدورين هامين يتعلقان بتوفير مياه الشرب في الوسط الريفي والاشراف على مشاريع الري. وقد قطعت في هذا المجال أشواط متقدمة بعد ان بلغت نسبة توفير مياه الشرب 93٪ في بلادنا وهي نسبة مرتفعة بالمقارنة مع عديد البلدان حتى المتقدمة منها، كما بلغت المساحة الجملية للمناطق السقوية ما يزيد عن 405 آلاف هكتار وبعد ان تطوّرت مشاريع الري والماء الصالح للشرب بالمناطق الريفية تم التخلي التدريجي عن استغلال وصيانة المشاريع المائية المتعلقة بالري والتزوّد بالماء الصالح للشرب في المناطق الريفية لفائدة المنتفعين بهذه المشاريع بعد تنظيمهم في صلب هياكل مهنية قاعدية يطلق عليها اسم جمعيات ذات مصلحة مشتركة ثم تم تغيير اسمها الى مجامع التنمية الفلاحية وقد بلغ عدد مجامع التنمية الفلاحية 2424 منها 1016 مختصة في ميدان الري و1248 مختصة في مجال الماء الصالح للشرب و160 مجامع ذات نشاط مزدوج وتوفّر حاجيات مليون و600 ألف مواطن اي ما يناهز 46٪ من سكان الريف. كما تتصرف المجامع المائية في حوالي 199 ألف هكتار من المناطق السقوية وتضمّ حوالي 140 ألف فلاح ومستغل فلاحي وقد تمكّنت من تحقيق نسبة إجمالية لاستخلاص مستحقات الماء تقدّر ب 80٪. خطة وتهدف الخطة المستقبلية في هذا الجال الى تشريك القطاع الخاص في استغلال وصيانة المنظومات المائية وذلك بتحسيس المستثمرين بأهمية الفرص المتوفرة للاستثمار في هذا القطاع والتشجيعات والحوافز التي وضعتها الدولة للنهوض به والتصرف المندمج في الموارد المائية والمحافظة عليها ونظرا لتعدد القطاعات المستهلكة للمياه ولندرة مواردنا المائية تم وضع منهجية لتحسيس المستهلكين بضرورة المحافظة على مواردنا المائية وتثمينها تعتمد على تشريك المنتفعين في تصوّر وإنجاز المشاريع المائية لضمان استجابتها لمتطلباتهم وهو ما من شأنه ان يرفع من حظوظ نجاحها وتكثيف برامج الاحاطة والتكوين والمتابعة لفائدة المجامع المائية بتأطير وتكوين أعضاء ومستخدمي المجامع المائية في مجال استغلال وصيانة المنظومات المائية الموضوعة تحت تصرفهم وتحسيس المنتفعين لدعم انخراطهم في المجامع المائية بما من شأنه ان يضمن حسن استغلال المشاريع المائية وبالتالي يساهم في ديمومتها. كما يتوجب إدخال مزيد من الحرفية بدعم انتداب المديرين الفنيين وتكوينهم في مجال استغلال وصيانة المنظومات المائية. أما أكبر الاشكاليات التي تعترض عمل هذه الجمعيات فتتمثل حسب السيد عبد الحميد في اخفاق الفلاحين في اختيار من يمثلهم في تولي الاشراف على عمليات التسيير وفي تغيير العقلية وتوفّر الوعي بقيمة المشاركة الجماعية إضافة الى تجنّب بعض المشاكل التقنية الأخرى مثل البناء فوق الملك العمومي للمياه وتشتت الملكية والتهرب من تحمل مسؤولية سداد المستحقات المتخلدة بالذمة خاصة ان الأسعار تتعلق بالكلفة فقط وليس فيها هامش للربح كما يعتقد الكثيرون.