يطالعنا بين الفينة والأخرى، أحد المطربين او الفنانين التونسيين بأغنية تراثية معينة، مسجلة بصوته، وأحيانا نفس الأغنية التراثية بأصوات مختلفة. في الماضي القريب، انتهك التراث في عقر داره فقيل إن هذا الأداء او ذاك التغيير في بعض الكلمات والألحان يصب في خانة التهذيب، لكنه في الواقع تعذيب لا تهذيب. وأما الحاضر، فأصبح فيه الفنانون التونسيون، وحتى العرب يتنافسون ويتسابقون على أداء اغاني التراث، وأحيانا يسجل بعضهم نفس الأغنية. ولنا في هذا السياق ما لذ وطاب من الأغاني المسجلة بأصوات مختلفة، وآخرها الأغنية التراثية «يا أمة يا غالية». الخاسر الوحيد في عملية التسجيل هذه هو«التراث»، والرابح الوحيد هو الفنان. فالفنان التونسي أو بالأحرى بعض الفنانين التونسيين اختاروا طريقة السهل الممتنع التي لا تكلفهم أكثر من«مصروف» التسجيل والتوزيع والباقي في الجيب ! التراث بهذا المعنى ليس «بخس» الثمن، وانما «لا ثمن له» ولا من محاسب وكما هو واضح للعيان فإن كلمة «تراث» موجودة في تسمية الوزارة (وزارة الثقافة والمحافظة على التراث) وحتى يستعيد «التراث» قيمته، يجب على الوزارة المعنية به، تنظيمه واعطاؤه الأهمية اللازمة. وبالنسبة للفنان يمكن له أداء كل أغاني التراث في حفلاته أو في الأعراس لا أن يظل يقتات من التراث وفي المقابل هناك متضرر آخر بعد التراث أو متضرران آخران، هما الشاعر والملحن اللذان ظلا يندبان حظيهما في ظل ثراء تراثنا.