التفاصيل الخطيرة التي كشفتها شرطة دبي عن عملية اغتيال القيادي في حركة «حماس» محمود المبحوح أكدت توجها اسرائيليا جديدا في «اصطياد» رؤوس المقاومة وكشفت عن نجاح جهاز «الموساد» الاسرائيلي مرة أخرى في احداث اختراق أمني خطير للحركة في الخارج بعد نجاحه من قبل في الوصول الى القيادي العسكري البارز في «حزب الله» عماد مغنية واغتياله في دمشق في واضحة النهار. وبصرف النظر عن ردود الفعل الفلسطينية المتشنجة والقائمة أساسا على توجيه الاتهامات المتبادلة بين «فتح» و «حماس» على خلفية اعتقال فلسطينيين اثنين قيل ان احدهما ضابط سابق في السلطة الفلسطينية فيما تقول فتح انهما «حمساويان» ودون الالتفات كثيرا الى ما أحدثته هذه اللخبطة من احتقان واتهامات من «حماس» لأجهزة السلطة بتطوير التنسيق الأمني مع الاحتلال ليمتد الى الخارج فان ما أكدته الصحف الاسرائيلية أمس من أن بصمة «الموساد» واضحة على تفاصيل عملية الاغتيال تطرح تساؤلات عن الاستراتيجية الجديدة التي يتبعها جهاز المخابرات الخارجية الاسرائيلية في التعامل مع قادة المقاومة وعن أسباب هذا التحول. ففي السابق كانت اسرائيل تتوعد القادة السياسيين لتنظيمات المقاومة سواء في فلسطين أو في لبنان، مثل تهديداتها العلنية (خصوصا منذ صعود «حماس» الى السلطة) لرئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل أو رئيس الحكومة الفلسطينية التي أدارتها «حماس» في غزة اسماعيل هنية وكذلك تهديداتها باغتيال أمين عام «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله، ولكن بعد العدوان على لبنان في عام (2006) تغيرت اللهجة وصارت العيون متجهة أساسا نحو القادة الميدانيين والدليل على ذلك أن «الموساد» نجح بعد عام ونصف العام من العدوان على لبنان من اغتيال مغنية في دمشق (فيفري 2008) ونجح أيضا بعد عام من عدوان غزة في تصفية المبحوح في دبي. ولعل هذا التوجه الجديد له ما يبرره اسرائيليا، فتل أبيب ترى أن القادة السياسيين منشغلون بالصراعات الداخلية خصوصا في ظل حالة الانقسام الفلسطيني السائدة، وحالة الاحتقان التي كانت في لبنان إبان اغتيال مغنية وأيقنت أن القادة الميدانيين للفصائل هم الذين يحافظون على حالة التوافق في النضال سواء على الساحة الفلسطينية أو اللبنانية فجعلت منهم الهدف الرئيسي لهذه المرحلة الراهنة لتنتقل باجرامها من سياسة استهداف «الرؤوس الكبيرة» الى سياسة اصطياد «القطط السمينة» وفي كل ضرر على المقاومة المطالبة بالتنبه واليقظة وتحصين قادتها داخليا وخارجيا.