بلغ في جوان الماضي 28 عاما قضّى نصفها في الذود عن ألوان الأحمر والأصفر حيث التحق بصنف الشبان عام 1994 فتعلم أبجديات كرة القدم وهو ينظر بعين الحالم إلى تلك السمفونيات التي كان يعزفها الجيل الذهبي للترجي فثابر وأجهد النفس وتسلح بالعزيمة والصبر للارتقاء إلى مكانة طلائعية وبلوغ النجومية مستندا في ذلك على شخصيته القيادية داخل الميدان وطوله الفارع وبنية جسدية قوية طاغيا على فكره وروحه عشق الأحمر والأصفر فأبدع كجناح وكظهير وكمدافع محوري وسجل أهدافا حاسمة ولم يهدر إلى حد اللحظة ضربة جزاء واحدة وهو ما خوّل له التتويج بست بطولات وثلاث كؤوس بألوان الترجي... كل هذه الأرقام والخصال لم تشفع له عند فئة من الجماهير التي أصرت خلال السنوات الأخيرة على أنه بيت الداء في هذا التثاقل الذي رافق دفاع الترجي قبل تحوله إلى البطولة التركية ومنها إلى فريق «بوقرنين» الذي تألق معه عندما سجل هدفين خلال الجولتين الماضيتين. «الشروق» استضافت معين الشعباني بمكتبنا في «دار الأنوار» وحاولنا أن تضرب محاصرة فردية على مدافع قضى 15 عاما من حياته في محاصرة ومطاردة المهاجمين! فكان الحوار التالي: في البداية ما هي الأسباب التي حالت دون التحاقك بالنادي الرياضي الصفاقسي؟ النادي الرياضي الصفاقسي فريق محترم ويبقى دائما من الفرق التقليدية الأربعة وقد كنت فعلا على وشك الانضمام إليه وقد تحولت إلى صفاقس وجلست إلى المسؤولين واللاعبين ولكن الأجواء لم تكن ملائمة ولاحظت انعدام الانسجام بين مسؤولي النادي... كما أن هناك أمر آخر وهو أن هيئة الفريق اقترحت علي في بداية الأمر عرضا ماليا معينا ثم خفضت من قيمة هذا العرض وهناك أيضا حقيقة أخرى أكشفها للمرة الأولى وهي أنني لم أرغب في أن أحول دون تحقيق طموحات أحد المدافعين الصاعدين بالنادي والذي علمت أنه ينتظر الفرصة المناسبة ليفتك مكانا له في محور دفاع الفريق بعد مغادرة عصام المرداسي. وكيف كانت ظروف انتقالك إلى نادي حمام الأنف؟ اتصل بي السيد منجي بحر وتحادثت معه فوجدته مسيرا محترفا وواضحا في معاملاته واتفقنا على كل الجزئيات. يبدو أن السيد منجي بحر انتدبك دون العودة إلى رأي المدرب فتحي العبيدي؟ أنا اتفقت مع السيد منجي بحر ولكن لا بد من أنه أخذ بعين الاعتبار رأي المدرب بصفة مسبقة. وهل من سبب معين جعلك توافق؟ الأجواء الطيبة الموجودة داخل هذا الفريق ثم أنه كان لالتزاماتي العائلية واستقراري بتونس الكبرى (النصر) النصيب الأكبر في تحديد وجهتي. وما رأيك في الهجرة الترجية المعكوسة باتجاه فريق «بوقرنين» والتي أصبحت محل تندر من قبل بعض الجماهير؟ لنتفق أولا على القيمة الكروية لهذه العناصر (اللطيفي والشماري واليوسفي وصابر خليفة) إنها ظاهرة تعكس العلاقات الوطيدة بين الطرفين وأظن أن نادي حمام الأنف أكبر مستفيد من هذه التنقلات. وهل يعقل أن ينتقل كل هؤلاء مجانا في عهد الاحتراف والمال؟ لا علم لي بوضعية هؤلاء ولكن بالنسبة لي أن لاعب محترف ولا ألعب إلى أي فريق إلا بمقابل فنحن في عصر الاحتراف ولا مكان للألوان والأهواء فاللاعب مطالب بتأمين مستقبله. ولكن ألم تقم إلى حد الآن بتأمين مستقبلك بعد 14 عاما في الترجي وانتقالك إلى أنقرة قوشو بحوالي 340 ألف دينار؟ من قال إنها 340 ألف دينار؟! ما لا يعرفه الجميع أنني اضطررت إلى فسخ عقدي مع الفريق التركي بعد الصعوبات المادية التي شهدها بل وتخليت عن جزء مهم من مستحقاتي مقابل إخلاء سبيلي... سامح الله الأتراك! ولكن ألم توظف تلك الأموال في مشاريع خاصة؟ لم أبعث مشاريع خاصة.. وأموالي تبرعت بها. هل تألمت لانسحاب منتخبنا في آخر خطوة من تصفيات المونديال؟ كل لاعب يحلم بالمشاركة في كأس العالم وكنت أتمنى من كل قلبي المشاركة في مونديال جنوب إفريقيا 2010 ولكن.. هذا يعني أن الإطار الفني للمنتخب قد يوجه لك الدعوة مثلما سبق أن حدث مع الغرياني؟ نعم، لأن تواجدي بنادي حمام الأنف لن يمنع من التحاقي بصفوف المنتخب فاللعب في صفوف هذا الفريق لا يختلف عن اللعب في بقية الفرق التقليدية وأبواب المنتخب مفتوحة أمام الجميع. أنت متهم بتثاقلك في محور الدفاع؟ لا يوجد مدافع واحد في العالم كامل الأوصاف ربما أكون ثقيلا ولكنني أحسن التمركز وأتمتع بخبرة كبيرة وعندي قدرات فائقة على مستوى الحوارات الثنائية وأجيد التعامل مع الكرات الثابتة.. ومن من المهاجمين أرهقك؟ إنه ذلك الفيل الإيفواري الصغير «باكاري كوني» إنه مهاجم من طراز رفيع.. وماذا عن المهاجمين المحليين؟ طبعا توفيق الهمامي بتلك الانطلاقات وبتلك السرعة الفائقة التي يتمتع بها والحمد لله أننا كنا ننتمي إلى الفريق نفسه. معين، أنت متهم أيضا بقيادة «المؤامرات» رفقة ظهير أيمن وصانع ألعاب داخل الحديقة «ب» عندما كنت في صفوف الترجي؟ أية تهمة هذه؟ (يستشيط غضبا) اسألوا الجميع وسيخبرونكم عن مدى رفعة أخلاق معين الشعباني... اسألوا عني حارس الحديقة «ب» وصولا إلى أرفع مسؤول بالترجي... ولكن البعض يصر على أنك سجلت هدفا ضد مرماك عمدا في مقابلة الدربي (20072008)؟ (يصمت قليلا) هل بعد كل ذلك العشق للأحمر والأصفر إلى حد الهوس والجنون وبعد 14 عاما في حديقة الرياضة «ب» يمكن أن أتقبل تهمة كهذه؟! ولكن فئة من جماهير الترجي عبّرت عن سعادتها بعد مغادرتك الفريق؟ جماهير الترجي تحبني ولكن لا يمكن لأي لاعب أن يجمع حب كل الناس من حوله فذلك مستحيل! لو قلنا لك: بن يحيى والمحجوبي وبدرة والجعايدي، أين تضع نفسك بين هؤلاء؟ (يبتسم) أضع نفسي في المرتبة الأخيرة دون تردد.. فهؤلاء عمالقة كرة القدم في تونس.. ولكن أنا أيضا قدمت وبسخاء للأحمر والأصفر وأنا راض عما قدمته. خالد بن يحيى كاد يصنع منك أحسن ظهير أيسر في تونس أليس كذلك؟ فعلا إنه مدرب رائع وشخص متميز وقد أرادني أن أشغل الجهة اليسرى ولكن سرعان ما لاحقتني الإصابات فأنا لاعب غير محظوظ.. ولكن جماهير الترجي تحتفظ لك بذكريات جميلة خاصة تلك الأهداف الحاسمة؟ سجلت عدة أهداف حاسمة وكان أبرزها ضدّ مازمبي في الدقيقة 94 وضد الهلال السوداني وأيضا الهدف الشهير ضد النادي الإفريقي كما أنني أفاخر بأنني لم أهدر إلى حد الآن ضربة جزاء واحدة وآخرها كان ضد المستقبل الرياضي بالقصرين. ولكنك تتعمد أحيانا تسجيل ضربات الجزاء حتى لا ينكشف مردودك المتواضع أثناء بعض المقابلات؟ أبدا، بل بالعكس عندما يكون مردودي باهتا أثناء المقابلات أرفض تنفيذ ضربات الجزاء.. إنه كلام مردود على أصحابه. مررت في الترجي بثلاثة رؤساء فأيهم الأفضل؟ كلهم متميزون ودون مجاملة. ولكن يبدو أن السيد حمدي المدب لم يتشبّث كثيرا بخدماتك عندما سمح لك بمغادرة الترجي؟ أبدا، فالسيد حمدي المدب قدّم لي عرضا مغريا بل إنه العرض الأكبر الذي يقدم للاعب ينتمي إلى الترجي في تلك الفترة ولكن العرض التركي كان أرفع بكثير. ألم تعجّل سياسة الاعتماد على الشبان برحيلك؟ غادرت الترجي بمحض إرادتي ومن الباب الكبير.. وبالنسبة لسياسة الاعتماد على الشبان فأظنها الحل الأنسب والدليل على ذلك أن الترجي بصدد جني ثمار هذه الاستراتيجية. ما رأيك في محور دفاع الترجي؟ تابعت المدافع الشاب صيام بن يوسف وهو يتمتع بثقة كبيرة ولا يعترف بأسلوب «الدف.الدف» كما يفعل بعض المدافعين ولكن ذلك لا يخفي حقيقة العمل الذي يقوم به المدافع زياد الدربالي الذي ساعده كثيرا في إنجاح مهمته الدفاعية فمحور الدفاع يرتكز على الانسجام الموجود بين ثنائي المحور وإلا فإنه لن ينجح. بمجرد مغادرتك تحصل الترجي على ثلاثية تاريخية بم تفسّر ذلك؟ وكأنك تريد أن تقول إنني كنت سبب تواضع الفريق، أريد أن أقول إن معين الشعباني في السنوات الأخيرة كان ضحية الزاد البشري المتواضع في الترجي ولا داعي لذكر تلك المجموعة المتوفرة قبل مغادرتي الفريق! وماذا ستفعل عند مواجهتك الترجي خلال مرحلة الإياب؟ لا أعرف فقد أكون مصابا! الترجي صنع مني الرجل قبل اللاعب وأنا أفاخر بأنني انتميت في يوم من الأيام إلى فريق بحجم وعراقة الترجي... ولكنني الآن أنتمي إلى نادي حمام الأنف ولن أبخل بحبة عرق واحدة للذود عن ألوانه... خارج الميدان الترجيون أصدقائي وإخوتي ولكن داخل الميدان لن أعترف بالترجي.. هل تطمح في العودة إلى الترجي؟ لم لا، إنه حق مشروع فأنا لاعب حر وقد انتقل في الموسم القادم إلى الترجي أو إلى أي فريق آخر. ولكن الترجي غير مهتم سوى بخدمات الشماري وصابر خليفة؟ لا أعلم ذلك وعلى كل حال من السابق لأوانه الحديث عن ذلك. بعيدا عن كرة القدم يبدو أنك اخترت الزواج المبكر؟ نعم تزوجت منذ سن الرابعة والعشرين لأضمن عنصر الاستقرار والحمد لله أنني رزقت بطفلين رائعين وهما: آدم وإياد. وكيف تقضي أوقات فراغك؟ ليس لدي الكثير من الوقت بحكم التزاماتي العائلية ولكنني من هواة ألعاب الفيديو. وماذا عن زيارة الأقارب؟ نعم أحرص على زيارة والدتي المقيمة بحي الخضراء بصفة منتظمة إنها «فطيمة» الحنينة أطال الله في أنفاسها ورعاها بموفور الصحة والسلامة. يبدو أنه لك حكاية طريفة رافقت ظروف ولادتك؟ نعم فأبي رحمه الله أصيل القصرين أما والدتي فهي أصيلةباجة وقد ولدت في عاصمة السكر صدفة بعد أن ذهب والدي لقضاء العطلة هناك. ألا تطمح إلى الظفر بشارة قيادة الفريق؟ مستحيل، فأنيس بن شويخة قائد رائع ولاعب متميّز. وماذا عن المدرب فتحي العبيدي الذي كان متهما بضعف الشخصية وهو ما عجّل برحيله؟ من قال إن فتحي العبيدي ضعيف الشخصية؟! والأكيد أنك وقفت على قوة شخصية هذا المدرب أثناء التمارين أليس كذلك؟ ومع ذلك أتمنى له التوفيق وأظن أن المدرب جيرار أفضل معوض له خلال المرحلة الحالية. نترك لك كلمة الختام... ماذا تقول؟ أتمنى النجاح لنادي حمام الأنف وأنا واثق أنه بإمكاننا اللعب من أجل الظفر بالمركز الخامس على الأقل مع نهاية الموسم الرياضي.
