تعد قرية برج الصالحي من معتمدية الهوارية حالة استثنائية، فهي تضم اكبر نسبة من فاقدي النطق والسمع بالمقارنة مع عدد السكان. فمن جملة 500 نسمة حسب احصائيات عام 1996 توجد 27 حالة صم وبكم، وهناك عائلات كل افرادها بهذه الاعاقة المزدوجة، والسبب هو الزواج بين الاقارب. «الشروق» رصدت الوضعية من النواحي الانسانية، والاجتماعية مع التركيز على الاجراءات والتدابير المتخذة جهويا، ووطنيا لتسهيل حياة السكان، وتخليصهم من مشاعر العزلة والوحدة. **بالاشارات السكان في برج الصالحي وخاصة اصحاب الاعاقة يعيشون حياة عادية ويعملون في القطاع الفلاحي والصيد البحري الذي يدر عليهم ما يكفيهم للعيش في استقرار وأمان. ووفقا للشهادات التي نشرت صور أصحابها مجلة «سيدتي» منذ فترة فإن السكان في القرية يتعاملون فيما بينهم بلغة الاشارات، وتقول احدى المتساكنات: «تعلمت منذ صغريالتخاطب مع والدي بلغة الاشارات وأتقنت هذا الاسلوب في التحاور معه، لذلك لم اجد صعوبة في التحادث مع زوجي بنفس الاسلوب، فالقرية كلها بسبب كثرة المصابين تجمع بين افرادها لغة موحدة ابتدعتها ويفهمها الجميع، يتداولها الواحد بعد الاخر فاصبحت متواترة ومتفقا على معانيها». **اجراءات وقرارات لتطويق هذه الظاهرة الاجتماعية التي تمسّ 27 معوقا سمعيا بالمنطقة تم في الفترة الممتدة بين 1989 و1993 تكثيف الحملات التحسيسية والتوعوية في مجال التنظيم العائلي والصحة الانجابية وتنظيم زيارات دورية للمتساكنين من طرف الاعوان الاجتماعيين وكذلك حصص توعوية بمركز رعاية الصحة الاساسية قصد حثّهم على تجنب الزواج من الاقارب وقد اثمر هذا التحرّك الميداني التحسيسي والعمل التأطيري المتواصل الذي قادته هياكل الشؤون الاجتماعية والتضامن والصحة وجمعية فاقدي السمع ببرج الصالحي والسلط المحلية والجهوية علاوة على وعي المتساكنين عن عدم تسجيل اي حالة فقدان سمع عند الولادة منذ سنة 1993 بمنطقة برج الصالحي. وهكذا اصبحت هناك ثقافة زواج وانجاب جديدة ملموسة وزالت ظاهرة الزواج بين الاقارب وبات الزواج يخضع الى فحص طبي مسبق مثل الجميع وهو ما يساعد على الحد من ظاهرة الصمم. ورشات للتكوين في النجارة وصناعة الجلد ويجد الاطفال المعوقين ببرج الصالحي والذين لا يزيد عددهم على 13 معوقا كامل الرعاية في مجال التنمية المختصة والتكوين المهني بمركز رعاية فاقدي السمع ببرج الصالحي الذي تشرف عليه جمعية اجتماعية وتدعمه وزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن والسلط المحلية والجهوية بولاية نابل. وقد وفّر سيادة رئيس الجمهورية لهذا المركز حافلة نقل لتسهيل تنقلات المعوقين ولتنظيم رحلات ترفيهية لهم وورشة للتكوين في النجارة. كما خصّص سيادته اعتمادا ب 18 ألف دينار لتركيز ورشة تكوين في صناعة الجلد في اصناف الاعاقة. ومن المؤمّل ان تنطلق هذه الورشة في العمل خلال شهر سبتمبر المقبل. وذكر السيد محمد بن عزيزة نائب رئيس جمعية رعاية فاقدي السمع ببرج الصالحي «للشروق» ان الجمعية اصبحت تحمل اسم الجمعية المحلية لرعاية حاملي الاعاقة بالهوارية لتزيد في الاحاطة بالمعوقين على مستوى المعتمدية. وبيّن أنه بعد ان زالت ظاهرة اعاقات الصم والبكم منذ 1993 لدى الولادات وتقلص عدد فاقدي السمع بالمركز حرصا على أن يُعنى هذا الفضاء بكل اصناف الاعاقة بالمعتمدية فنهتم بتأهيل المعوقين تربويا ومهنيا ضمن ورشات تكوين مختصة في النجارة وصناعة الجلد لمساعدتهم على الاندماج الكلي في الحياة الاجتماعية. كما اشارالى أن مركز رعاية حاملي لاعاقة ببرج الصالحي يلعب دورا كبيرا في مساعدة التلاميذ المعوقين على الاندماج في المدارس العادية. **فتح ورشة خياطة لدراسات برنامج تعليم الكبار وأوضح السيد محمد بن عزيزة من ناحية أخرى انه تم خلال شهر جويلية 2004 فتح ورشة خياطة لفائدة دراسات برنامج تعليم الكبار ببرج الصالحي في اطار العناية المتواصلة للدولة بالعنصر النسائي ومزيد تأهيلهن للحياة العملية. وتتميز منطقة برج الصالحي بجمال الطبيعة وبطيبة متساكنيهم وتفانيهم في العمل حيث يتعاطى معظمهم الفلاحة السقوية وزراعة الحبوب والصيد البحري.