ارتفعت نفقات التكفل بالعلاج لدى الصندوق الوطني للتأمين على المرض خلال 2009 مقارنة بما بلغته سنة 2008... وفي انتظار ضبط الرقم الدقيق لهذه النفقات المسددة للمنخرطين ولمسديي الخدمات الصحية وذلك في الاشهر القليلة القادمة (مثلما تقتضيه العادة بالنسبة الى المؤسسات العمومية)، فإن بعض المؤشرات تقول ان مبلغ نفقات 2009 قد يقترب من الألف مليون دينار (1000 مليار من مليماتنا) بعد أن كان سنة 2008 في حدود 903،623 مليون د. وسنة 2007 في حدود 746،937 م.د. (وهي السنة الاولى لبداية عمل الصندوق). وذكرت مصادر طبية أنه بالرغم من دعم الدولة للدواء إلا أن تكاليفه أصبحت باهظة في السنوات الاخيرة بحكم ارتفاع مختلف الاسعار العالمية وهو ما أدّى الى الارتفاع المتواصل لنفقات ال«كنام» على العلاج والدواء من سنة الى أخرى... كما أن تطور مستوى معيشة التونسي أصبح يفرض عليه الاكثار من نفقاته الصحية إضافة الى ظهور أمراض جديدة وارتفاع حدة أمراض أخرى وتكاثرها، وكل هذا من شأنه الترفيع في النفقات الصحية للمواطن وللدولة ولصندوق التأمين على المرض. سرطان وقلب حسب ما ذكره مصدر من الكنام، فإن الامراض التي تتصدر قائمة نفقات الكنام على العلاج هي الامراض السرطانية بأنواعها وأمراض القلب والشرايين، وهي أمراض منتشرة لدى عدد هام من التونسيين وتتطلب عيادات وكشوفات طبية عديدة إضافة الى كثرة التدخلات الجراحية والتحاليل البيولوجية وصور الاشعة والادوية، وهي كلها باهظة الثمن نظرا الى خصوصية هذين المرضين... كما يتسبب السكري في نفقات كبيرة ل«الكنام»، إذ أن علاجه في حد ذاته باهظ لكن علاج مخلفاته أكثر كلفة... ومن أهم مخلفات السكري نجد القصور الكلوي الذي يتكلف باهظا إضافة الى عمليات زرع الكلى... حيث يبلغ الانفاق على عملية واحدة أكثر من 90 ألف/د كما نجد أمراض العينين والسمنة والاسنان على قائمة أهم مخلفات السكري. توازن تؤكد بعض المصادر أن نسبة تغطية النفقات لدى الكنام (نفقات العلاج) بالمداخيل المتأتية من الاقتطاعات الموظفة على المنخرطين تعتبر طيبة بصفة عامة... فبالنسبة الى حواث الشغل والامراض المهنية، يوجد توازن مالي بالنسبة الى «الكنام» مع فائض إيجابي طفيف، أما بالنسبة للتأمين على المرض فإنه يوجد عجز طفيف في تغطية نفقات العلاج بمساهمات المنخرطين... وأضافت المصادر ذاتها أن الحكم على مدى تحقيق الصندوق لتوازنه المالي وتحقيق مرابيح اضافية أو عجزا ماليا لن يكون دقيقا وكاملا إلا بعد سنتي 2010 و2011، عندما يقع الانتهاء من تركيز المنظومة كاملة بالنسبة الى مساهمات المتقاعدين والعملة غير الاجراء في القطاع الفلاحي. ترشيد بما أن «الكنام» مكسب وطني هام للمواطن وللدولة وللعاملين في القطاع الصحي فإن المحافظة عليه باتت اليوم ضرورية خصوصا أن منظومة العلاج هذه متطورة وتضاهي المنظومات المعمول بها في الدول المتقدمة... ويتحمّل مسؤولية هذه «المحافظة» كل الاطراف وذلك عبر السعي دوما الى عدم إثقال كاهل «الكنام» بالنفقات المرتفعة... وحسب ما يذكره المختصون فإن ذلك لن يتحقق إلا إذا عرفنا كيف نرشّد النفقات الصحية وذلك بنشر ثقافة الاستهلاك الصحي لدى الجميع. فالمواطن مطالب بالمحافظة أقصى ما يمكن على سلامته الصحية من خلال النظام الغذائي السليم وتجنب الاصابة بالامراض المزمنة والثقيلة التي تتسبب دوما في مضاعفات وأمراض أخرى... كما أن دور الطبيب هام في هذا المجال من خلال دعوة المواطن الى الحد من استعمال الادوية وتعويضها بعادات أخرى كالرياضة والانظمة الغذائية السليمة والانقطاع عن بعض الممارسات (التدخين، الكحول...) وفي هذا الاطار تحدث أحد المختصين عما أفرزته دراسة أجريت بفرنسا سنة 2008 وأثبتت أن المعدل العام لنسبة حضور الادوية في الوصفات الطبية يبلغ 2،8 دواء في الوصفة، وهو ما اعتبرته وزيرة الصحة آنذاك مرتفعا ولابد من التخفيض منه في إطار الحد من تكاليف الدواء. ورغم عدم إجراء دراسة مماثلة في تونس إلا أن كل المؤشرات تفيد بارتفاع هذه النسبة عندنا، وهو ما يستدعي مزيد الحط منها. أما عن دور وزارة الصحة العمومية في ترشيد نفقات الدواء فيتمثل في مراجعة وتطوير البروتوكولات الطبية المعتمدة لعلاج مختلف الامراض، وذلك اعتمادا على مواكبة التطورات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.