.. حصل عبد السلام على الموافقة من «الكنام» لتحمّل مصاريف علاجه من التهاب الكبد الفيروسي (hépatite c) عفا الله الجميع... وذلك منذ 2007.. كان عمره آنذاك 65 عاما، وبعد ان تردد على مصالح «الكنام» أملا في الحصول على الدواء اللازم، تلقى عوضا عن الموافقة اجابة بجرّة قلم فوق ملفّه «رفض طبّي» (Rejet médical) ثم على ملف آخر «رفض اداري» (Rejet administratif) حاول «عم عبد السلام» جاهدا بمساعدة طبيبته المباشرة الحصول على سبب الرفضين الاداري والطبي فاكتفى عون شباك «الكنام» بإعلامه ان عمره كبير (65 عاما) ولا حق له في الدواء!! إجابة تبدو في ظاهرها «خطيرة» لأنها توحي بأن من بلغ سن ال65، خرج من قائمة الكنام في الحصول على الدواء الباهظ والاخطر من ذلك ظاهريا هو ان الامر يتعلق بمرض مزمن وخطير لحامليه الاولوية في العلاج والدواء.. فهل الامر كذلك فعلا؟ وهل ان من تجاوز عتبة ال65 عاما نحرمه من الدواء الباهظ لا لشيء الا لأنه «كبير» ولا فائدة قد ترجى من تخصيص دواء باهظ له؟ هل يمكن للكنام ان يقدّر سن الوفاة، فيقرر عدم منح من قرب أجله دواء باهظا ويفضل توجيهه لحالة أخرى صاحبها صغير السن، فتحصل من ذلك فائدة؟ تساؤلات عديدة تثيرها حالة «سي عبد السلام» فحملناها الى مصادر مطلعة ب«الكنام» فأفادتنا أن الأمراض المزمنة والثقيلة لها نظام خاص في تحمّل مصاريف العلاج أولا ثم خاصة في تحمّل مصاريف الدواء ثانيا. ففضلا عن كونه دواء باهظا، فهو مؤثر جدا على الصحة البشرية، وقد يكون تأثيره سلبيا للغاية، لذلك فإن نظام منحه للمريض من عدمه تحدده البروتوكولات الطبية الدولية والتشريعات الطبية والصحية المحلية (القانون + قرارات وزيري الصحة والشؤون الاجتماعية) اضافة الى القرار الأهم وهو قرار اللجنة الطبية المكلفة صلب الكنام بمتابعة ملفات المرضى المنخرطين والذي يعتمد عادة على عدة معطيات واقعية وطبية. سنّ «العمر لا يتدخل بنسبة كبيرة في اتخاذ قرارات الكنام بالموافقة على تحمّل مصاريف العلاج او الدواء» يقول مصدر من الكنام.. مضيفا أحيانا نوافق وسن المريض في السبعين أو الثمانين، وأحيانا أخرى نرفض، وسن المريض في الأربعين أو الخمسين .. إذن اين تكمن أسباب الرفض الحقيقية؟ رفض طبي يجيب مصدرنا عن السؤال السابق «في بعض الأمراض المزمنة والخطيرة، على غرار التهاب الكبد الفيروسي مثلا، توجد مراحل للمرض.. ومعروف ان مثل هذه الأمراض تستفحل تدريجيا في الجسم وأحيانا لا يتفطن المريض لذلك، حتى تبلغ المرحلة الأخيرة للاستفحال ويصبح تناول الدواء غير ذي معنى..» ويوضح المتحدث قائلا أن دواء التهاب الكبد الفيروسي مثلا لا يشفي من المرض بل يوقف تضاعف الفيروس وانتشاره في الكبد خاصة اذا كان الفيروس حيا، وهو ما سيحد من التليف التام للكبد وربما يؤخره الى حين .. ولكن يحصل ان يقع التفطن للمرض في المرحلة المتأخرة أي بعد التليف شبه التام للكبد، ويصبح اعطاء الدواء في هذه الحالة غير ذي جدوى .. وهو ما يفسر رفض الموافقة احيانا لدى الكنام على تحمل مصاريف الدواء، وهو ما يعبر عنه بالرفض الطبي الذي تتخذه لجنة طبية صلب الصندوق تعمل بدورها وفق البروتوكولات الطبية الدولية ووفق ما تنص عليه التشريعات المحلية في هذا المجال .. وتوافق على اسناد الدواء وتحمل تكاليفه بناء على معطيات طبية بحتة وليس بناء على السن، اذ قد يحصل هذا الرفض تجاه صغار السن.. ولكن هذا الرفض لا يعني حسب ما ذكره مصدرنا حكما على المريض بالموت مع تأجيل التنفيذ، فالأعمار بيد الله، وقد يقع المرور مثلا، اذا أمكن ذلك طبيا، الى طريقة اخرى في العلاج يحددها الأطباء، كالعلاج الكيمياوي مثلا أو الأنظمة الغذائية وغيرها من الطرق الممكنة الأخرى. تأثير تحدث المصدر ذاته عن عامل آخر قد يتدخل في الموافقة على إسناد بعض الادوية خاصة في الامراض الثقيلة والخطرة، وهو عامل تأثير الدواء... إذ عادة ما تؤثر هذه الادوية سلبا على الصحة البشرية. فمثلا حقن التهاب الكبد تتسبب عادة في حالة إغماء لدى المريض، وهو ما يفسر عدم إجرائها في الصيدليات، إذ لابد أن يكون ذلك في المستشفى على يدي طبيب... لذلك فإن الرفض قد تكون له علاقة بالحالة الصحية للمريض، لأن جرعة دواء قد تؤدي أحيانا الى الوفاة... ومن الطبيعي أن تكون وطأة هذا التأثير أشد على كبار السن من الافضل في بعض الاحيان عدم مدّهم بالدواء... فالموافقة والرفض على إسناد الدواء يجب أن تتم في كل حالة على حدة حسب الملف الطبي للمريض. إجابة في إطار المحافظة على بعض الاسرار الطبية والمحافظة على الحالة النفسية لبعض المرضى، يقع الاكتفاء بإعلامهم في شبّاك «الكنام» أن سبب رفض الموافقة على العلاج أو الدواء هو التقدم في السن دون الدخول معهم في تفاصيل الملف الطبي التي قد يعجز عون الشباك عن تفسيرها للمنخرط... لكن السبب الحقيقي للرفض هو عادة طبي بحت. باهظة يذهب في اعتقاد البعض أن «الكنام» يرفض الموافقة على العلاج أو الدواء لاسباب مادية خاصة إذا كان المنخرط متقدما في السن لأن الاولوية في اعتقادهم ممنوحة في التكاليف الباهظة لصغار السن. «هذا اعتقاد خاطئ 100٪» حسب مصدرنا والكنام لا يضع في اعتباره سوى صحة المواطن وعلاجها من الامراض مهما كانت التكاليف ولا فرق بين غني وفقير أو بين مسن وصغير أو بين منخرط ناشط وآخر متقاعد والدليل هو تكفّله بعلاج مسنّين في الخارج بما قيمته 100 ألف د. مثلا أو في زرع بعض الاعضاء كالكلى مثلا والتي تصل الى 90 ألف د. فالمهم هو سلامة الملف الطبي وخلوّه من كل اعتراض طبي وعلمي وصحي قد يجعل من الدواء غير ذي فائدة أو يعرض صحة المريض للخطر...