شعر: مصطفى الفارسي، تعريب: عبد الواحد براهم خصّت مجلة «لينوفال ليتارير» الفرنسية تونس بملف جامع أصدرته بتاريخ 20 ماي 1974 وشارك فيه سياسيون وأدباء وشعراء تلك الحقبة. وقد اخترنا تعريب هذه القصيدة لمصطفى الفارسي المنشورة في نفس العدد. رسم البؤس بوجه صبيّ أسطرا قاتمة ذابلا هائما يعبر الدنيا كالدابة السائمة بطنه طاو... رأسه خاو لم ينل من دهره سوى عسف ونكال ووعيد بدماء وحديد ضاعت أرضه... نهشتها ذئاب داهمة لم تذر غير الأيادي الدنسة والنفوس التعسة وشفاه يبّستها الأوبئة والدواهي القاصمة وأنا واقف أنظر أجترّ أحلامي أدفن جهدي وأيامي في الأرض العقيم إثرة... عشقا لذاتي كسلا.. موت ضمير غرقا في أحلامي الواهمة أيها المازوشيّ الملتدّ بالداء يا أنا الراضي بأصناف الشقاء أهذي وأحلم بالسراب أغرق عاري في كأس الشراب أقتل وقتي.. أصغي لصوتي أرسم على وجهي غبيّ البسمات عشيت عيناي وأنا أعبر الدنيا كأن لا شيء يعنيني غير ان أكتب بضع كلمات لم أقل بالأمس لذلك الجلف يسوق العربة: «توقّف يا غليظ القلب وتأمّل ثقل أحمالك عصرت دابّتك... سحقتها ازرع بذور الرحمة اليوم تظلّلك غدا أشجارها تهبك جني الثمرات» لم أقل، واأسفي، لأمّ مهملة: «احضني طفلك هذا البريء نظّفي وجهه الصافي هو أنت... قلبك يخفق فيه فادفعي عنه الأذي والحشرات» لم أقل للجائع: «اشبع... ولا تسرف اشبع... نعم... بلا لؤم اكسب القوت بنبل لا تسرق... ولا تنهب ترفّع عن خسيس الشهوات» لم أقل بالأمس للكسلان يهدر العمر سدى يلوك الترّهات: «اعمل وابدع يخصب العمر ينلك الأمنيات أمسك منجلا... مطرقة امتشق بعض السلاح... خذ دواة... قلما سترى إن ههنا أو ههناك كلّ من بالكون يعمل ان بأعلى أو بأسفل يكدح العمّال يصمد الجند في الجبهات أفق الحرية مشرع دورق الحرية مترع في انتظار من يأتي وعلى كفيه أغلى الأمنيات عالم الأطفال... يأتينا غدا هبه من روحك... ما به ينمو لاشيء يسمو بغير التضحيات». لم أنصح هؤلاء، واأسفي، بالأمس لم أقل لهمو: «إنما الانسان... ذلك اللغز الغائم السحنة، الخفيّ الرغبات ليس إلا همو طيّب النفس إذا ما أحيا أملا إذا ما أدّى عملا باقيا مثله مثلهمو إلى الغد وما بعد غد