ردا على مقال السبت المنقضي "حول هوية تونس في الدستور" الذي انكر فيه كاتبه عروبة تونس بالكامل فاقول ان لفرنسا مسؤولية مباشرة في محاولة زعزعة الاستقرار في المغرب العربي منذ الاستعمار و حتى تاريخنا الحديث لان استقرار المغرب العربي الكبير بهذه المكونات الكبيرة سواء على المستوى البشري او الجغرافي الاستراتيجي او الوحدة المستقبلية بين البلدان العربية ككل ..ثم إن الغرب لن ينسى للمغرب العربي الكبير تاسيسه لنقطة عبور الى غزو اوروبا نحو اسبانيا و حتى اسوار باريس لانه هاجسً يتخوفه الغرب و ان كان لا يصرح به لذلك اول اختراق في الوحدة المغاربية قد بدأ بإعداد الحرف الأمازيغي في معاهد باريس ومنه انطلقت شعارات الحكم الذاتي والانفصال،فلينظر اخواننا البرابرة الى حالة اللهجات في هذه المجتمعات النموذجية...؟ ونذكر هنا في إيجاز شديد بأن رغم عدد اللهجات التي تزخر بها البلدان الغربيةكفرنسا و انقلترا فإنهما يخاطبان العالم بلغتين رسميتين وطنيتين وهما الفرنسية بالنسبة لفرنسا والإنقليزية لأمريكا، لقد تم إحصاء 24 لهجة في فرنسا وحدها، نذكر منها البرُوتان والفلاماند و ألْزاسيان والكَتلون و اللغة الكورسيكية وغيرها و قبل دخول المستعمر الفرنسي المغرب العربي لم يكن هناك أمازيغي واحد قال بأنه أمازيغي وليس عربيا، أو طالب باعتماد اللغة الأمازيغية بدل اللغة العربية فحتى قبل الإسلام كانت توجد بالمغرب العربي لغة فصحى عروبية مكتوبة هي الكنعانية الفينيقية، محاطة بلهجات شفوية أمازيغية عروبية قحطانية، ولمدة 17 قرنا. وعندما جاء الإسلام حلت العدنانية التي نزل بها القرآن الكريم محل اللغة الكنعانية. واستمر المغاربة يتعاملون مع العربية كلغتهم وساهموا في تطويرها، مثل صاحب كتاب الأجرومية ابن أجرّوم العالم الأمازيغي من المغرب الأقصى المتوفى سنة 672 ه ؛ ومثل ابن معطي الزواوي المتوفى سنة 628 ه الأمازيغي من بلاد القبائل، الذي نظم النحو العربي في الف بيت، سابقا بقرن ابن مالك الذي توفي سنة 730 ه والذي اعترف بفضله في السبق قائلا: و تقتضي رضىً بغيرِ سخط فائقةً الفيّةَ ابن مُعْط و هو بسْبق حائز تفضيلا مستوجِب ثنائيَ الجميلا ومثل البصيري الشاعر الأمازيغي من القبائل والذي ولد بمدينة دلّس وتوفي سنة 695 ه بالقاهرة، صاحب قصيدة البُردة المشهورة، التي نسج على منوالها العديد من الشعراء ومنهم شوقي. و تؤكد كتب التاريخ و المؤرخين كابن خلدون ان التشابه كبير بين اللغة العربية و البربرية و ان أوجه التشابه بين حياة العرب و حياة الامازيغ كبيرة فقال ابن خلدون: «يتخذون البيوت من الحجارة أوالطين، ومن الخوص والشجر، ومن الأشعار والوبر، ويظعن أهل العز والغلبة لانتجاع المرعى، فيما بين الرحلة، ولا يجاوزون فيها الريف إلى الصحراء والقفر الأملس، ومكاسبهم الشاة والبقر، والخيل في الغالب للركوب والنتاج، وربما كانت الإبل من مكاسب أهل النجعة منهم شأن العرب، ومعاش المستضعفين منهم بالفلح، ودواجن السائمة، ومعاش المعتزين من أهل الانتجاع والأظعان في نتاج الإبل وظلال الرماح، وقطع السابلة، ولباسهم وأكثر أثاثهم من الصوف» و علينا التفريق كذلك بين البربرية و النزعة البربرية فالاولى عنصر من عناصر تاريخنا و الثانية ايديولوجية صنعها المستعمر الفرنسي لضرب الوحدة الوطنية المغاربية و خاصة بالجزائر و المغرب و صنع الفرقة بين العرب العدنانيين و الامازيغ القحطانيين و لا نريد التطويل فالمتفرس في اللغة البربرية و العربية لا يرى فارقا كبيرا بين اللغتين و تكاد تكون اللغة البربرية عربية مع بعض التغيير لذلك نحن العرب و البرابرة شعب واحد شربنا من نفس الثقافة العربية الاسلامية الشرقية و لناخذ امثلة من الغرب نفسه باعتماده لغة واحدة و قمعه لشعوب كثيرة داخل مجتمعاتهم فهذه الولاياتالمتحدة المتكونة من مجموعات بشرية جاءت من القارات الأربع بلغات قائمة حية في بلدانها مثل الإيطالية واليونانية والفيتنامية والكورية والفارسية والعربية واليابانية والعبرية والبرتغالية، وقد تم ترتيبها كالتالي اللغة الثانية هي الأسبانية والثالثة اللغة الصينية والرابعة اللغة الفرنسية والخامسة اللغة الألمانية واتفق الجميع على أن تكون اللغة الإنقليزية هي لغة الولاياتالمتحدة وأكثر من ذلك يشترط على طالب الجنسية الأمريكية أن يجيد هذه اللغة وبعد ذلك يمكن دراسة طلبه، ونعرف عن فرنسا اختيارها اللغة الفرنسية وحدها كلغة رسمية ووطنية ويسعى السياسيون والمثقفون فيها لنشرها في البلدان الفرنكوفونية وجعلها لغة رسمية في افريقيا مثلا. و يقول المستشرق الالماني اوتو روسلر ويسمي الأمازيغية النوميدية،يقول في كتابه [النوميديون أصلهم كتابتهم ولغتهم]: «إن اللغة النوميدية و يقصد بها اللغة الامازيغية لغة سامية بمعنى عربية انفصلت عن اللغات السامية في المشرق في مرحلة مغرقة في القدم» ، كما يعترف أمراء البربر بانتمائهم إلى حمير. فعندما ساءت علاقة أبو فتح المنصورالزيري الصنهاحي بالقرن العاشر الميلادي مع الخلافة الفاطمية في القاهرة، عبر عن طموحه في الاستئثار بحكم المغرب العربي دون المظلة الفاطمية ، أمام شيوخ القبائل الذين حضروا إلى القيروان لتهنئته بالإمارة، قائلا لهم: «إن أبي وجدي أخذا الناس بالسيف قهرا، وأنا لا آخذهم إلا بالإحسان، وما أنا في هذا الملك ممن يولّى بكتاب ويعزل بكتاب، لأنني ورثته عن آبائي وأجدادي الذين ورثوه عن آبائهم وأجداهم حمير» و لا احسن من هذين البيتين لابن باديس لاختم بهما مقالي هذا ، تغزلا بالعربية و هو البربري الاصيل شَعْبُ الجزائرِ مُسْلِمٌ وَإلىَ العروبة ينتسب مَنْ قَالَ حَادَ عَنْ أصْلِهِ أَوْ قَالَ مات فقد كذب. * مترجم - الإمارات العر بية المتحدة