الإسم محمد مصطفى البرادعي، من مواليد عام 1942، سليل عائلة مصرية عريقة، فهو نجل الراحل الاستاذ مصطفى البرادعي نقيب المحامين المصريين الأسبق. ذاع صيته منذ توليه منصب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في ديسمبر من عام 1997. يملك الرجل من المؤهلات العلمية ومن الخبرة السياسية والقانونية ما مكّنه من تولي مناصب رفيعة، بداية بالتحاقه بالسلك الديبلوماسي المصري عام 1964 حيث كان عضوا في بعثة مصر الدائمة لدى الأممالمتحدة في مناسبتين، كما عمل في الفترة بين عامي 1974 و1978 مستشارا لوزير الخارجية. وانتهاء بتوليه أرفع منصب دولي حين عين مديرا عاما للوكالة الدولية للطاقة الذرية وأعيد انتخابه مجددا على رأس الوكالة في سبتمبر 2001 والتجديد له لفترة ثالثة. لم يعرف عن الدكتور محمد البرادعي أي انتماء سياسي أو حزبي، فالرجل حافظ على غموض هذا الجانب، ورغم سنوات العمل الطويلة في الخارجية المصرية، لم يكن ينتمي الى الحزب الحاكم في مصر، وآثر حتى بعد عودته وانتهاء مهامه في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، البقاء مستقلا يصدح برأيه دون أن يحابي هذا الحزب أو ذاك، ولعل هذا الأمر أكسبه مزيدا من الشعبية في الشارع المصري وفي الوسط السياسي عموما، خاصة بعدما تردد من أنباء حول امكانية ترشحه للانتخابات الرئاسية المصرية. لم يكن من اليسير على شخص مثل البرادعي المنحدر من أصول عربية اسلامية ادارة منظمة دولية بحجم وكالة الطاقة، بالنظر الى تعقيدات الملفات الدولية الساخنة بداية بملف أسلحة العراق، ووصولا الى الملف النووي الايراني، ناهيك عن الملف الكوري الشمالي، ومع ذلك نجح الرجل بشهادة خبراء دوليين في ادارة الوكالة باقتدار. البرادعي الديبلوماسي والموظف الدولي والأكاديمي والقانوني، كان يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق طموحاته العلمية والسياسية، ولم تكن طريقه مفروشة بالورود بقدر ما كانت بمثابة حقل ألغام، فالرجل ومنذ توليه رئاسة الوكالة الدولية للطاقة الذرية واجه ضغوطات كبيرة كانت أبرزها الضغوطات الامريكية. وليس خافيا ان المنصب الذي تولاه البرادعي، منصب بالتزكية قبل أن يكون بالانتخاب، فمن استجاب وتجاوب مع الاجندة الخارجية الأمريكية نال المباركة والثناء ومن خالف وعارض، كان تحت طائلة الضغط والتشكيك في حياده وشفافية عمله. وسبق للبرادعي أن تعرض الى حملة أمريكية صهيونية شرسة، فقبل غزو العراق عام 2003 أثار أكثر من نقطة استفهام حول الاصرار الامريكي على استخدام القوّة رغم عدم ثبوت امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل وفق المزاعم الامريكية. واعتبرت إدارة بوش وقتها البرادعي مسؤولا منحازا للعراق، وأخضعت اتصالاته للتنصت على أمل ايجاد ثغرة يمكن توظيفها لابتزازه. والأمر ذاته تكرر مع إيران، حيث أنه كان دائما يحذر من الغلو والميل الى استخدام القوّة، مؤكدا على ضرورة أن يستمر الحوار وحلّ الأزمة ديبلوماسيا. كل من عرف البرادعي، يقول عنه إنه شخصية هادئة، ميال الى العمل أكثر من القول، يبتعد قدر الامكان عن التشنج وردود الفعل المستعجلة. واتضح ذلك جليا من خلال تصريحاته على حملة الاتهامات والتشكيك في قدراته وكفاءاته في ادارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فالرجل بحكم خبرته الديبلوماسية لا ينجر الى ردود الفعل المتسرعة. ومن الملعب السياسي الدولي، عاد البرادعي مؤخرا الى الملعب السياسي المحلي، حيث أثار اعلانه أواخر عام 2009 عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية في مصر المقررة في 2011، أثار ردود فعل متباينة، جعلت منه (أي البرداعي) نجما بلا منازع، لا يكاد يمر يوم دون أن تستضيفه فضائية عربية أو دولية ليقدم نفسه ومشروعه السياسي إذا قدّر له وترشح الى رئاسة المصرية. البرادعي الحائز على نوبل للسلام في عام 2005، والحائز على عشرات الجوائز الدولية يعود اليوم الى واجهة الاهتمام، مستقطبا الاعجاب والسخط في آن واحد ليسلك مجددا طريقه وسط حقل الالغام السياسية.