مع بدء جلسات الحوار اللبناني يعود السؤال الأشدّ إلحاحا في هذا الباب، وهو فيم يتحاور اللبنانيون؟ وهل يجري الحديث عن بحث استراتيجية دفاعية للبلاد أم عن بحث مصير سلاح «حزب الله»؟ هذه التساؤلات ما كانت لتُطرح بهذا الشكل لولا اختلاف تصوّرات ومنطلقات كل فريق من مكوّنات المشهد السياسي اللبناني، فالبعض، وخصوصا من قوى «14 آذار» مازال يحصر ملفات البحث المطروحة على طاولة الحوار في ضرورة إيجاد حل لسلاح «حزب الله» عبر نزعه أو إدماج مقاتلي الحزب في الجيش اللبناني، ولا يخفى أن هذا المطلب دولي بالأساس، لذلك تجد الحكومة اللبنانية حرجا في رفض هذا المطلب حتى لا يُنظر الى موقفها على أنه اعتراض على قرار دولي (رقم 1559) على الرغم من الظروف الخاصة التي صدر فيها هذا القرار والحالة الخاصة التي مر بها لبنان حينئذ (موفى 2004) حين برزت خلافات حادة بسبب ما عُرف بقضية التمديد للرئيس السابق إميل لحود ثم المحنة الكبيرة التي عاشها البلد باغتيال رفيق الحريري وما تبع ذلك من سلسلة اغتيالات استهدفت عددا من السياسيين. واليوم يبدو لبنان في وضع غير الوضع الذي نشأ فيه الجدل بشأن سلاح «حزب الله» حتى صار شأنا دوليا، اليوم صار اللبنانيون أكثر توافقا من أي وقت مضى وأصبحت الحكومة اللبنانية حكومة وحدة وطنية يلتقي فيها السنّة والشيعة والمسيحيون، بل هي حكومة جمعت خصوم الأمس، ولهذا السبب تكاد اسرائيل تميز غيظا وتلقي تهديداتها المتكررة لحكومة لبنان برمّتها لا «حزب الله» فحسب كما كان الأمر في السابق. ولهذه الاسباب مجتمعة يتمسك «حزب الله» ببحث استراتيجية دفاعية شاملة تحمي لبنان من هذه التهديدات الاسرائيلية التي لا تستثني أحدا، وهو يدرك أن اللبنانيين جميعا باتوا في قارب واحد، ولا نجاة لفريق منهم إن لم ينج الآخرون و«حزب الله» أيضا يرى أن سلاحه الذي حمى لبنان خلال العدوان الاسرائيلي في صيف 2006 لا ينبغي أن يكون موضع بحث ولا تشكيك في وطنيته وولاءاته بصرف النظر عما يُقال من دعم وتمويل إيرانييْن. طاولة الحوار اللبناني هي فرصة متجددة يلتقي عندها الفرقاء لتعزيز الوحدة الوطنية وتقوية الجبهة الداخلية اللبنانية وتكريس طابع التوافق الذي أسعد اللبنانيين وأغاظ أعداءهم.