إن المحاماة التونسية تستعد يوم 13 مارس 2010 لخوض انتخابات هيئة جديدة لجمعية المحامين الشبان، هذه الجمعية العريقة التي أنشأت سنة 1970، وقد تداول على رئاستها محامون من خيرة ما أنجبته المحاماة التونسية أمثال المرحوم الاستاذ عبد الرحمان الهيلة، الذين نفتخر ونعتز بهم لما قدموه من مجهودات لتطوير مهنة المحاماة هذه المهنة النبيلة التي يؤدي من خلالها المحامي واجب الدفاع عن الحقوق والحريات. وكما لا يخفى على الجميع فإن المحامي يمثل في العالم الفئة التي تركت بصماتها من خلال المصلحين والمفكّرين. إن انتخابات جمعية المحامين الشبان أصبحت في السنوات الاخيرة تحظى باهتمام واقبال كبيرين من قبل المحامين الشبان وذلك نظرا لأهمية الدور الذي لعبته الجمعية في تأطير المحامين المتمرنين خاصة والشبان عامة وذلك أمام العدد الكبير من الوافدين على المهنة اذ ارتفع عدد المحامين الشبان الى أكثر من خمسة آلاف محام مما يجعل من جمعية المحامين الشبان الملاذ الوحيد لهؤلاء لما يجدون فيها من عناية بمشاغلهم وتطوير لقدراتهم المهنية. وما الدليل على نجاح جمعية المحامين الشبان في استقطاب المحامين الا الاقبال الكبير الذي تعرفه المهنة من مترشحين لهذه الانتخابات اذ بلغ عددهم الى حد تاريخ ختم الترشحات ثمانية وثلاثون محاميا مترشحا نجد منهم عددا كبيرا من المحاميات اللواتي أصبحن تمثلن في قطاع المحاماة النصف، كما تهاطلت على قصر العدالة البيانات الانتخابية للمترشحين والتي تترجم مختلف التيارات السياسية التي تسود المهنة والتي أصبحت تعكر صفو قطاع المحاماة لما لهذه الانتماءات من أهداف ترمي الى ابعاد المهنة عن مشاغلها وادخالها في حسابات ضيقة تخدم مصالح أطراف دون أخرى. إن المتمعن في بعض البيانات التي تقدم بها بعض المترشحين فإنه أقل ما يمكن القول عنها انها بيانات نارية تكرس السلوك العدواني وتمثل حجر عثرة لتطور المهنة من خلال تفرقة الصفوف. ان المحامي الشاب يرنو الى تحسين أوضاعه المهنية وتدعيم المكاسب التي تحققت له في السنوات الاخيرة والمتمثلة في الترفيع في منحة الاعداد للحياة المهنية الامر الذي يضمن للمحامي المتمرن الكرامة وييسر له الانطلاق في الحياة المهنية كما وقع تمكين المحامي الشاب من العديد من التسهيلات لدى المؤسسات البنكية للحصول على قروض لاقتناء سيارة شعبية وفتح المكاتب. ولعل من أهم المكاسب التي تحققت للمحامي الشاب نذكر انشاء المعهد الاعلى للمحاماة الذي يهدف الى توحيد المدخل بالنسبة لكل الطلبة الراغبين في الالتحاق بالمحاماة وطالما تمت المطالبة بهذا المعهد الذي يعتبر مكسبا هاما بالنسبة للمحامين لما من شأنه ان ينظم المهنة ويكفل لكل الطلبة المساواة في الدخول الى المهنة وتنظيم الوافدين عليها وتمكينهم من تكوين خاص في مجالات متعددة حسب الاختصاص وهو ما من شأنه ان يطور المهنة ويجعلها قادرة أكثر على مجابهة المنافسة من قبل مكاتب المحامين الاجانب الذين أصبح لهم الحق في فتح مكاتب في تونس. ان المحاماة التونسية وخاصة الشابة منها تعرف نقلة نوعية تجعلها قادرة على أداء دورها ونبل رسالتها ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بواسطة جمعية قوية قادرة على التفكير والتخطيط لتحقيق المزيد من المكاسب للمحامين ولمّ شمل الفرقاء، جمعية تعنى بشواغل المحامي المتمرن والمحامي الشاب، تفكر في مستقبله وتذلل له الصعوبات. إن المتمعن في ما يدور حاليا في المحاماة يتبيّن أن الصراعات قد انطلقت بين المترشحين وقد تجاوزت حدها إذ بلغت حدّ الثلب والاتهامات الباطلة وهو الأمر الذي من شأنه الاضرار بمصالح المحامي الشاب والمسّ من القيم النبيلة لمهنة المحاماة غير أن المحامي الشاب يتوق الى بيانات واضحة قابلة للتنفيذ مراعية لشواغله وتطلعاته ثرية المحتوى واقعية الأهداف من حيث البرامج والمشاريع المستقبلية، بعيدة كل البعد عن الحسابات الضيقة حاثة الجميع على النقاشات الهادفة التي تسمو بالمهنة الى ما ينشد إليه المحامي الشاب. إن مسؤولية المحامي الشاب تدعوه الى المساهمة يوم الاقتراع في اختيار هيئة جديدة لجمعية المحامين الشبان قريبة منه تصغي إليه وتحمل برامج تهدف الى تحقيق طموحاته وتطلعاته. المسؤولية اليوم تفرض علينا نحن المحامين : تحكيم العقل لاختيار المترشحين لجمعية المحامين الشبان القادرين بحكمة برامجهم الانتخابية على تطوير المهنة الى ما هو أفضل، المعترف لهم بالاعتدال ونبذ كل أشكال التطرف والصراعات الهدامة والمحامية التونسية التي أصبحت تمثل نصف المحامين شاعرة بأهمية دورها في انتخاب جمعية معتدلة تحافظ على مكاسبها كمحامية وكامرأة تونسية عنوانا للأصالة والحداثة بعيدة عن أشكال التطرف والاقصاء والتهميش لدورها في المجتمع بصفة عامة والمحاماة بصفة خاصة. إن انتخابات جمعية المحامين الشبان تمثل محطة هامة في مسيرة المهنة يعبر من خلالها المحامي الشاب بكل حرية عن مواقفه الرائدة في حسن الاختيار والمساهمة في مواصلة تحقيق الاصلاحات والانجازات للمهنة والرقي بها الى ما نصبو إليه جميعا نابذا التعصب والتطرف والمغالاة التي من شأنها الزيغ بالمهنة رافعا شعار المحاماة شرف أو لا تكون.