ما أقوله في حق الرجل، ليس خدمة انتخابية، بقدر ما هو حقيقة تؤكد معدنه الأصيل أخلاقيا ومهنيا، وكفى الأستاذ منير بن صميدة رئيس الجمعية التونسية للمحامين الشبان طيلة الفترة النيابية 2008-2010 جدد ترشحه للمؤتمر. حملنا اليه مجموعة من الأسئلة التي حملت بدورها انتقادات وربما «اتهامات» تعلقت بالأساس بشح نشاط الجمعية، وعزلتها وتحولها الى مجرد مكتب لإسداء الخدمات، وذلك طبعا حسب آراء اصحاب هذه الانتقادات، لكنه كعهدنا به، رد على الأسئلة برحابة صدر، وأجاب عنها مسهبا في ذلك ونترك للقارئ اكتشاف فحوى ما دار بيننا من حديث بداية أستاذ كيف تقيمون الفترة النيابية التي تنتهي اليوم وترأستم خلالها الهيئة المديرة للجمعية؟ الأستاذ بن صميدة : أترك الحكم للمحامين والمحاميات في تقييم العمل الذي قمنا به طيلة المدة النيابية لكن مع التأكيد على أن هذه الفترة اتسمت بكثافة الأنشطة التي كانت موزعة على كافة الجهات بالبلاد وبرمجنا العديد من الأنشطة بتوزر و القصرين و قابس و جربة الا ان قلة الموارد المالية حالت دون تنظيمها. وعلى الرغم من ذلك فقد سجلنا نسبة مشاركة محترمة من الزملاء من جميع الجهات. هذا ولم نغفل، جانب القضايا العدلية التي اوليناها اهتماما كبيرا فسجلنا مشاركات خارجية بمصر و سوريا و المغرب وليبيا وهي تهم مناصرة القضايا العربية العادلة. وفي نفس الإطار كنا سباقين الى مناصرة أهالي غزة والوقوف الى جانبهم بالدم والمال وشاركنا في هذا التحرك العديد من مكونات المجتمع المدني على غرار هيئة المحامين و الاتحاد العام التونسي للشغل و نقابة الصحفيين وهيئة الأطباء وغيرها حيث خرجنا في المظاهرات المرخص فيها، وغير المرخص فيها وعبرنا عن مواقفنا في جميع وسائل الإعلام. وكاتبنا فرع منظمة الأممالمتحدة بتونس والاتحاد الأوروبي وسفارة مصر بتونس، مطالبين بايقاف العدوان ومحاكمة المجرمين وفك الحصار وفتح المعابر. هذا بالاضافة الى شكاية جزائية ضد كل من ليفني و أولمرت وباراك الى المحكمة الجنائية الدولية وبادرنا بتنظيم لقاء بدار المحامي، مع سعادة سفير السودان بتونس إبان صدور مذكرة اعتقال الرئيس عمر البشير وساندنا الشعب السوداني في محنته وكنا سباقين أيضا من مساندة زملائنا الذين تعرضوا الى صعوبات او اعتداءات واصدرنا بيانات مساندة لهم في الغرض. ونظمنا بدار المحامي، أسبوعا تضامنيا مع فلسطين بمناسبة الذكرى 61 لاغتصابها. ومن ناحية اخرى كنا متواجدين بمقر الجمعية، يوميا وفي علاقة مباشرة مع زملائنا ولم نبخل يوما عن تقديم يد المساعدة لكل من طلب منا ذلك دون تمييز او اقصاء او تهميش. وفي جانب آخر قدمنا عديد المساعدات لزملائنا سواء المتعلقة بالقروض والتي سهلت فتح مكاتب واقتنائها واقتناء منازل وغيرها من الخدمات، وكانت نسبة الاقبال كبيرة جدا حيث ساهمنا من موقعنا في حل عديد المشاكل المادية وتحصل عديد الزملاء على حق الأولوية في اقتناء السيارات بالاضافة الى تسهيل الحصول على منحة تربص للاعداد للحياة المهنية وسعينا الى تأثيث مكتبة الجمعية بأحدث المراجع القانونية والفقهية وتمكنا من ايداع قرابة 800 مرجع قانوني بقيمة 80 ألف دينار. كل ما سبق ان استعرضتموه كان كلاما جميلا ومعقولا، أستاذ، لكن ما ردكم على الرأي القائل بأنكم حوّلتم الجمعية الى «وكالة أسفار» ؟!! الأستاذ بن صميدة : هذا الكلام غير صحيح بالمرة، وهو شعار انتخابي تعودنا عليه في السابق، ودليلي على ذلك اضافة الى ما ورد ذكره آنفا، فقد حرصنا على الإحاطة بالمحامي الشاب، مهنيا، وصناعيا، حيث نظمنا العديد من الملتقيات والورشات التكوينية والمحاضرات العلمية، مساهمة من الجمعية حتى يكون المحامي الشاب قادرا على القيام بواجبه على أحسن وجه ولم نغفل الجانب الترفيهي داخليا وخارجيا. ودعمنا علاقاتنا مع الجمعيات التي تربطنا بها اتفاقيات تعاون وخير دليل على ذلك أن الجمعية نظمت ملتقى علميا بمشاركة المنظمة العربية للمحامين الشبان حول المحامي المتمرن من خلال القوانين العربية حضرها قرابة 90 محاميا عربيا، ولا يفوتني التذكير أننا عملنا مع كافة الزملاء بقدر من المساواة وكانت علاقتنا بجميع هياكل المهنة مبنية على التعاون والانسجام والتكامل وأشكر جميع القائمين عليها على دعمهم المادي والمعنوي. ولكن هناك من يتهمكم بكونكم جعلتم الجمعية تعيش العزلة والقطيعة مع المحامين الشبان؟ الاستاذ بن صميدة : قطعا لا، فالجمعية في تواصل دائم وفي علاقة مباشرة مع منخرطيها وغير منخرطيها وأكبر دليل على ذلك نسبة المشاركة التي فاقت كل التوقعات في مشاركة الزملاء في أنشطة الجمعية. هذا بالاضافة الى وجوب الاقرار بأن مكتب الجمعية يعجّ بصفة يومية ومستمرة بالوافدين عليه من المحامين الشبان، ومن جميع الجهات، سواء للاستفسار عن الانشطة، أو لطلب خدمة ما، وتذليل الصعوبات التي تعترضهم. ويشهد الله، أننا لم ندخر جهدا في تلبية طلبات زملائنا دون تمييز. وها أنتم عاينتم العدد غير المسبوق في تاريخ الجمعية، من حيث المنخرطين الذي تجاوز 3000 منخرط، ويكاد يتجاوز ثلاثة أرباع المحامين الشبان. في جانب آخر، وبسبب سواد اللون السياسي الواحد، لأعضاء الهيئة المديرة، فإن هناك انتقادات تصبّ في عدم «استقلالية» قراراتها؟ الاستاذ بن صميدة: أؤكد لكم، وأن هذه الهيئة المديرة، كانت مستقلة في قراراتها وتوجّهاتها. فالذي تقرره الهيئة في محاضر جلساتها بحضور جميع أعضائها، هو الذي يُعمل به، بعد استشارتهم والتحاور معهم. فنحن لم نتلقّ تعليمات بتاتا من أي جهة كانت. وأتحدى أيّا كان، أن يقدم دليلا ماديا، يؤكد عدم استقلاليتنا. فكل مواقفنا وأنشطتنا وبرامجنا، كانت نابعة من آراء المحامين، فنحن بالاساس محامون، ولسنا أعوان تنفيذ قرارات. ومن فقد استقلاليته، فقدْ فقدَ مصداقيته، فالمحاماة حرية ونضال واستقلالية وتضامن، أو لا تكون. فهو شعار الجمعية وبه اقتدينا وعليه عملنا. ولم تشهد الهيئة المديرة صدور أي بيانات جانبية أو فردية عن أحد أعضائها للتنديد بالانفراد بالرأي أو عدم عرض أي مسألة مهما كان نوعها لمناقشتها، والتداول في شأنها. ولكن أستاذ، تعمّدكم تكثيف الانشطة مؤخرا، وضعها البعض في خانة «الانشطة الانتخابية» لا غير؟ الاستاذ بن صميدة: نحن في سنة انتخابية بطبيعتها. وهذه الانشطة تمت برمجتها سابقا. ولا يعقل منطقيا أن نوقف نشاط الجمعية بتعلة أن هناك انتخابات، حتى لا نسأل على أننا استغللنا هذه الانشطة للدعاية الانتخابية، لا غير. والانشطة مرتبطة بالاساس بأمور خارجة عن الجمعية. فنحن نظّمنا حوالي 65 نشاطا بين ورشات ومحاضرات وندوات علمية ومهنية ورحلات. وأعتقد أن هذا الرقم ينمّ عن الحيوية ونشاط الهيئة المديرة التي يجب أن يتواصل عملها الى غاية انعقاد الجلسة العامة الانتخابية، وكانت أنشطة دسمة وثرية ومتميزة حضورا وأداء. دائما تتسم علاقة الجمعية، بالهياكل، إما ب«الهروب» أو «الاحتواء»، فكيف كان الحال معكم؟ الاستاذ بن صميدة: إن العلاقة بين الجمعية وهياكل المهنة عموما كانت متميزة جدا و هي بالاساس علاقة تعاون وتكامل وانسجام. لم نلق إلا الدعم المادي والمعنوي، من جميع الهياكل دون احتواء أو توظيف. فالجمعية يجب أن تتواجد وتنشط في محيطها المهني، مع سائر هياكل المهنة، دون أن تفقد استقلاليتها وأن تتحوّل الى لجنة تابعة لأحد الهياكل، وقد ساعدونا كثيرا، حيث لم يبخل أحد على تلبية مطالب الجمعية. لماذا قررتم إعادة الترشح؟ الاستاذ بن صميدة: إيمانا مني بأني لازلت قادرا على خدمة زملائي المحامين الشبان والمتمرّنين منهم على وجه الخصوص. ذلك أن قصر المدة النيابية لا تسمح لأي هيئة مديرة، أن تنفذ برامجها بالكامل، خصوصا وأن الهدف الاسمى من وراء إعادة الترشح، هو مزيد دعم تمثيلية الجمعية في كامل الجهات، والسعي الى الحصول على مكاسب جديدة، ومزيد تذليل الصعوبات التي تواجه المحامي الشاب. وأتمنى التوفيق لكافة المترشحين دون استثناء في هذه الانتخابات و نرجو من الهيئة المنتخبة أن تحافظ على وحدة الجمعية ومكاسبها واستقلاليتها، وأن تسعى الى خدمة المحاماة مع سائر هياكل المهنة. ومن ينتخبه الصندوق، هنيئا له بهذه الثقة والتكليف.