مثل مصرف الغزل والنسيج للوسط بصيادة منذ فترة الستينات مورد رزق قارا لعديد من الشباب وأرباب الاسر بالجهة، ويعتبر من أول المؤسسات الصناعية التي انتصبت بالمدينة، فكان له دور هام في نسيج حياتها الاجتماعية واستقرارها، ولعب دورا هاما في تنشيط الحركة الاقتصادية والتنموية بها. لكن تداعيات الازمة الاقتصادية العالمية الاخيرة أجبرت هذه المؤسسة العريقة على التفكك والافلاس. إذ تم ايقاف النشاط بها سنة 2008، ووقع طرد ما تبقى بها من عمال والبالغ عددهم قرابة الستين عاملا بصورة تعسفية ودون تسوية وضعياتهم المادية والمعنوية واحالتهم فجأة على البطالة. كما نشير الى أن أغلبية العمال المتضررين في هذه القضية تم اصدار أحكام قضائية مختلفة في شأنهم منذ جانفي 2009 من طرف مجلس الشغل بالمحكمة الابتدائية بالمنستير، التي قضت بإلزام المدعى عليها في شخص ممثلها القانوني بأن تؤدي للمدعين مستحقاتهم المادية والمعنوية التي تؤمنها لهم الاجراءات القانونية الملزمة المنصوص عليها صلب الفصل 21 من مجلة الشغل، لذلك هم يناشدون جميع الاطراف التي لها صلة بالموضوع التدخل السريع قصد اجبار المؤجر بتنفيذ الاحكام القضائية الصادرة في شأنهم، وانقاذ ابنائهم وعائلاتهم من التلاشي والضياع. وإذا كان البناء الاجتماعي يرتكز في بعض ابعاده على مجموعة من الاحتياجات، فإن الشغل حتما يبقى أوكدها، باعتباره مقوما أساسيا من مقومات حقوق الانسان وبه تتحقق كرامة الفرد وبه يتدعم استقرار المجتمعات وتماسكها، وعليه، يقتضي في مثل هذه الوضعيات الاجتماعية الحرجة ان نمد يد المساعدة لأرباب هذه الاسر المتضررة ومحاولة اعادة ادماجهم في مواقع عمل اخرى لانقاذ مستقبلهم ومستقبل أبنائهم. وفي نفس الاطار، لابد أيضا من الاشارة الى المخاطر البيئية التي يمكن ان يسببها فضاء هذه المؤسسة المغلقة منذ سنة (2008)، حيث أصبح هذا المكان ساحة واسعة للكلاب والقطط، ومرتعا للجرذان والفئران، ومخبأ آمنا للعقارب والحيات، ومثل هذه المظاهر تتعارض مع الاصلاحات والبرامج والتدابير المتخذة لحماية البيئة في الوسط الطبيعي والحضري، فإذا مررت بجانب هذا المصرف المنكوب يمتلئ قلبك حزنا وأسفا على الحالة المزرية التي أصبح عليها، فالبناية بأكملها تصدعت، وجميع أبوابها ونوافذها تهشمت، وتناثرت الاوساخ والغبار بجميع واجهات جدرانها المتآكلة، لذلك على الجهات المسؤولة أخذ التدابير والاحتياطات اللازمة والضرورية لمعالجة مثل هذه الوضعيات البيئية المتردية، قصد المحافظة على نظافة وجمالية المدينة وسلامة محيطها وخاصة وسط التجمعات السكنية.