الشروق العلمين (محافظة مطروح) مصر: من مبعوثنا خالد الحدّاد ...وأنت تتّجه إلى الساحل الشمالي المصري تستكشفُ مظاهر أخرى وملامح جديدة غير تلك التي ألفناها جميعا عند زيارة العاصمة القاهرة، خليط من البداوة والسواحل الرملية الممتدة على المئات من الكيلومترات والآثار الضاربة في القدم وبناءات عصرية في غاية الحداثة والتطوير القاسم المشترك بينها المنتجعات العائلية والأسرية تؤسّس جميعها لمشاهد تذهبُ أكثر ما تذهب إلى إبهار زائريها ومرتاديها. على طول أكثر من 450 كلم على الساحل المتوسطي إلى الحدود الليبية وحوالي 400 كلم في عمق الصحراء تمتدّ محافظة مطروح بمدنها المتعدّدة (العلمين،مرسى مطروح، الحمام، الضيعة، رأس الحكمة، سيدي براني، النجليه، السلوم، سيوة) على مساحة تفوق في مجموعها مساحة الجمهورية التونسية، والغريب أنّ هذه المحافظة ورغم مساحتها الشاسعة والممتدة فإنّ عدد سكانها المقيمين لا يتجاوزون الخمس مائة ألف ساكن في حين أنّ هذا العدد يتضاعف حوالي 12 مرّة عند موسم الاصطياف والتخييم والسياحة حيث أفاد السيّد اللواء أحمد حسين محافظ مطروح أنّ العدد الجملي لزوار المحافظة يصل أو يناهز ال6 ملايين سنويا يأتون إلى المحافظة للسياحة والترفيه واكتشاف ما في المنطقة من معالم وآثار وكنوز على مدار العام وخاصة في فصل الصيف. فراعنة ومعابد ...والاسكندر المقدوني مرّ من هنا. وقال اللواء أحمد حسين محافظ مطروح في مؤتمر صحفي على هامش الملتقى العربي الثاني للإعلام السياحي الذي التأم بمنتجع بورتو مارينا بمدينة العلمين إنّ مطروح ومنذ عهد الفراعنة والمنطقة تجذب انتباه الجميع مصريين وأجانب وممّا يشهد على ذلك الآثار الموجودة في مختلف المواقع على امتداد الساحل الغربي ففي سيوه يوجد معبد آمون للتنبؤات (معبد الوحي) كما يوجد معبد رمسيس الثاني بقرية أم الرخم الّذي أنشئ في عهد الأسرة 26. وممّا يُذكر أيضا في تاريخ هذه المنطقة أنّ الإسكندر الأكبر قام برحلته التاريخية إلى سيوه لتقديم ولائه للإله آمون إله المصريين القدامى وذلك رغبة في كسب رضاء المصريين على حكمه وقد توقّف في موقع مدينة مرسى مطروح الحالي وأمر بإنشاء مدينة فيه،وفعلا بدئ في إنشائها في فترة حكمه وسمّيت في عهد البطالمة باسم «باراتونيوم» ثم أطلق عليها اسم «أمونيا» نسبة إلى الإله آمون ثم سميت بعد ذلك باسم مرسى مطروح. كما كان إقليم الساحل الشمالي الغربي يعتبر مزرعة في العصريين الإغريقي والروماني وكانت الخزانات والخنادق الرومانية الموجودة حتى اليوم تستغل للريّ. كليوباترا وألغام وضحايا شهدت منطقة مرسى مطروح فصلا من قصة غرام كليوباترا ومارك أنطونيو وشيّدت فيها كليوباترا قصرا وقد عثر على أطلاله بجوار حمامها الشهير القريب من مدينة مرسى مطروح وبعد الفتح الإسلامي مرّت جيوش المسلمين من المغرب العربي إلى اسبانيا وجنوب أوروبا لنشر الإسلام عن طريق هذا الإقليم ودارت فوق رمال محافظة مطروح أعنف معارك الحرب العالمية الثانية وهي معركة العلمين الحاسمة الّتي حدّدت مصير الحرب بين دول المحور بقيادة رومل ودول الحلفاء بقيادة منتقمري ومنذ ذلك الحين أصبحت المنطقة ذات شهرة عالمية واسعة وتوجد اليوم مقابر عديدة في العلمين للجيوش المشاركة في تلك الحرب وهي مقبرة الكومنوولث وتضم 7368 قبرا لضحايا من بريطانيا ونيوزيلندا واستراليا وجنوب إفريقيا وفرنسا والهند و ماليزيا كما يوجد بها أسماء ل11945 من الجنود الذين لم يتم العثور على أشلائهم، والمقبرة الألمانية وضمت رفات 4280 شخصا والمقبرة الإيطالية وتعتبر من أجمل المقابر من حيث الفخامة في فن المعمار وضم كنيسة صغيرة ومسجد وقاعة للذكريات ومتحف صغير بالإضافة إلى 4800 من الضحايا وتشير لوحة إلى أنّ الصحراء قد ابتلعت رفات 38 ألفا من الضحايا، هذا بالإضافة إلى النصب التذكاري اليوناني الّذي أنشئ عام 1971 بتصميم يوناني من العصور القديمة لذكرى رفات حوالي 320 جنديا يونانيا جزء منهم في مقابر الكومنوولث وجزء في كنيسة ماري جرجس بالقاهرة. ومتحف حربي هو متحف رومل وهو عبارة عن كهف في بطن الجبل ويضمّ بعض أنواع الذخائر والأسلحة والخرائط المهداة من ابن القائد الألماني روميل وكذلك البعض من مقتنياته. من الحروب إلى التنمية والاستثمار وأشار محافظ مطروح إلى أنّ خبراء ومختصين في الأسلحة والذخائر يقومون منذ فترة في معالجة ما يزيد على 5 ملايين لغم من مخلفات الحرب العالمية الثانية وقد تمّ التقدّم خطوات هامة غير أنّ الخرائط الّتي تمّ تسلّمها من الدول المشاركة في تلك الحرب لم تعد واضحة بحكم عوامل التعرية والانجراف وتحرّك الرمال وتغيّر التضاريس وهو ما يعقّد المهمّة أكثر ، غير أنّ الاتجاه هو التخلّص من كلّ «هذه الشرور» في أقرب الآجال لفتح الطريق أمام الاستغلال الأمثل لكلّ أراضي منطقة العلمين والتقدم أشواطا أخرى على درب الاستثمارات الكبرى وتحقيق التنمية المنشودة في المنطقة. وقال المحافظ إنّ جزءا هاما من الأراضي الّتي كانت مزروعة بالألغام قد تمّ تطهيرها وهي حاليا قيد الدرس من أجل بناء المدينة المليونية والّتي ستضمّ إلى جانب البنايات العمرانية والسكنية والوحدات الفندقية والسياحة جامعة كاليفورنيا الّتي ستكون من أبرز الجامعات في المنطقة وأحدثها وعلى طراز الجامعة الأمريكية الشهيرة وستكون موجّهة إلى العرب من الطلبة والمدرسين والكفاءات، وأفاد أنّ مدينة العلمين تحوّلت بفضل الاستراتيجيات الموضوعة من أرض للحرب الدامية والضحايا والقتل والمواجهات العنيفة إلى أرض للتسامح والسياحة والمظاهر الجميلة وذلك من أحد أهمّ الأهداف المرسومة.