ليبيا.. الدبيبة يأمر بفتح تحقيق في اشتباكات صبراتة    أبو عبيدة يصدر بيانا بشأن عمليات المقاومة في خان يونس وجباليا    سينر يهزم ديوكوفيتش ويتأهل للمرة الأولى إلى نهائي فرنسا المفتوحة للتنس    تسجيل 187 انقطاعا للمياه في ماي 2025..    موارد مائية: ضرورة مواجهة الاستغلال المفرط للموارد المائية الجوفية بمرناق    ايران تدين العدوان الصهيوني على لبنان..#خبر_عاجل    عاجل/ من بينها 4 دول عربية..ترامب يوقع أمرا بحظر دخول مواطني 12 دولة..    جيتاس يشارك بالصالون الدولي للطيران والفضاء بباريس من 16 إلى 22 جوان 2025    هام/ النقل التلفزي لودية المنتخب التونسي ضد نظيره المغربي..    حاولت تهريب شحنة مخدرات عبر ميناء حلق الوادي.. 15 سنة سجنا ضد فتاة غينية    دولة واحدة فقط في العالم قادرة على إطعام سكانها دون الحاجة إلى الاستيراد.. فما هي؟    كرة اليد.. "عم يونس" حافظ اثاث النادي للإفريقي في ذمة الله    دراسة تحذّر من استعمال الشاشات قبل النوم    مبادرة أوروبية لتنظيم استخدام القاصرين لوسائل التواصل الاجتماعي    السعودية.. تفاصيل جديدة في مقتل الأستاذ الجامعي    تدور المواجهة مساء اليوم.. التشكيلة المتوقعة للمنتخبين التونسي والمغربي    خليل العياري يشعل المنافسة بين عدد من النوادي الأوروبية    بالفيديو: لقطة طريفة لخروف هارب على التيك توك    تكلفة الحج 2025 في العالم العربي: أرقام وصدمات لا تتوقعها!    ''قطّوسك'' اختفى والا لا؟ علاش القطط تغيب في نهار العيد؟    تجريد جولييف من ميداليتها في أولمبياد 2012 بعد رفض محكمة التحكيم استئنافها    امتلأت بهم جنبات المسجد الحرام.. الحجاج يؤدون طواف الإفاضة    والي صفاقس يشارك أطفال قرية "س و س" المحرس فرحة عيد الأضحى    ''السيتروناد واللحم المشوي'': مزيج تقليدي بنكهة صحية في عيد الأضحى    نصائح بسيطة لتفادي مشاكل الهضم في عيد الأضحى    دي لا فوينتي: جمال قدم أوراق اعتماده للفوز بالكرة الذهبية أمام فرنسا    قلق بين الجمهوريين.. ماسك قد يتحول ل"عدو خطير"    هل لاحظت''رعشة لحم العلوش'' بعد النحر؟ إليك التفسير العلمي والديني لهذه الظاهرة    كيف تحافظ على جلد الأضحية في الطقس الحار قبل وصول البلدية؟    ارتفاع في درجات الحرارة وخلايا رعدية محلية في الجنوب    وزيرة الشؤون الثقافية ونظيرها الإيطالي يدشنان معرض "مانيا ماتر: من روما إلى زاما    من القلاية للكسكسي: أطباق ما تخرج كان في عيد الكبير!    ما هو طواف الإفاضة؟ فريضة الركن بعد عرفات    التمديد في نشر فيلق مشاة خفيف وسرية تدخل سريع تونسيين تحت راية الأمم المتحدة في إفريقيا الوسطى    عاجل: موعد مباراة المغرب ضد تونس والقنوات الناقلة للبث الحي والمباشر    الحجاج يرمون الجمرات في أول أيام عيد الأضحى    جمرة العقبة تُرمى فجر العيد... والحجاج يشرعون في النحر والطواف    ماذا بعد الانتهاء من رمي جمرة العقبة الكبرى؟    الأردن وأوزبكستان يحققان إنجازاً تاريخياً بالتأهل إلى كأس العالم 2026    وزيرة الشؤون الثقافية ونظيرها الإيطالي يدشنان معرض "مانيا ماتر: من روما إلى زاما    هل نحمي صغارنا من مشهد الذبح... أم نعلّمه معنى القربان؟    محرز الغنوشي: ''تذبح العلوش ثم البحر ينادي''    عيدكم مبروك...    فريق قسم جراحة الجهاز الهضمي "أ" بمستشفى الرابطة ينجز تقنية متقدمة لعلاج سرطانات البطن    صابة الحبوب: تجميع 992.776 ألف قنطار إلى غاية 4 جوان 2025    العاصمة الإيطالية روما تحتضن معرض "مانيا ماتر من روما إلى زاما"    الأوركسترا السمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى في يومها العالمي 21 جوان    المنظمة الفلاحية تدعو إلى تعديل سعر قبول البطاطا الفصلية ب1350 مي/ كغ كحدّ أدنى    المتاحف والمعالم التاريخية تفتح أبوابها مجانًا للتونسيين والمقيمين هذا السبت    عاجل/ فاجعة تهزّ بوسالم: يقتل طليقته حرقا أمام أعين الناس!!    القيروان: وفاة شخصين وإصابة 20 آخرين في حادث انزلاق شاحنة خفيفة بحاجب العيون    نجوم الراي في حلقة استثنائية من برنامج "أنا والمدام" على قناة تونسنا    وزير الفلاحة يفتتح موسم الحصاد بزغوان    مدنين: إحباط تهريب هواتف بقيمة تفوق 690 مليون وفتح تحقيق أمني عاجل    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    نحو رقمنة شاملة للقطاع السياحي    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الكاتب حسونة المصباحي    المُثَلَّثُ الشُّجَاعُ والمُسْتَطِيلُ اُلذَّكِيُ    









عائد من مصر (2/3): كنوز الآثار والطبيعة النادرة والطقس المعتدل طوال العام أهّلت الإسكندرية لتكون أوّل عاصمة للسياحة العربية
نشر في الشروق يوم 25 - 03 - 2010

الشروق تونس الإسكندرية (مصر): من مبعوثنا خالد الحدّاد
وأنت تدخل مدينة الإسكندرية بداية الساحل الشمالي المصري قادما إليها من جهة الجنوب تشعر وكأنّك تُغادر القاهرة إلى مكان آخر مُغاير قد لا يكون بالضرورة منتميا لنفس الحدود الجغرافية للدولة المصرية، لا شيء في الإسكندرية يُشبه ما تآلفت عليه النفوس في العاصمة القاهرة حيث الضوضاء والضجيج ومظاهر التلوّث المتعدّدة ،الإسكندرية مدينة في غاية الترتيب والجمال والروعة ، شوارعها ممتدة ومفتوحة وبها قدر عال من الاخضرار والنظافة والتميّز، ناهيك عن ذلك الامتداد على سواحل المتوسّط الخلابة.
تتربع مدينة الإسكندرية فوق تراث تاريخي تنبض به المدينة المصرية القديمة على البحر المتوسط، منذ أسسها الإسكندر المقدوني منذ أزيد من 23 قرنا، وربما لهذا الموقع كانت الإسكندرية عاصمة مصر لأكثر من ألف سنة وكانت مقصدا لكلّ الشخصيات التاريخية الّتي مرّت بها المنطقة منذ قديم الزمان منذ عهد المؤسس الإسكندر المقدوني وصولا إلى الملك فاروق وجل الرؤساء المصريين الّذين كانت لهم قصور هناك توارثوها واحدا بعد الآخر، ويظلّ منتزه القصر علامة فارقة في معمار المدينة من حيث دقّة التخطيط ووفرة المظاهر الطبيعية الخلابة ووجود القصر التاريخي للملك فاروق وسطه ، ويحتوي المنتزه على أشجار ونخيل ومجموعة من أحواض الزهور كما يضمّ متحفا وشواطئ للاستحمام وخلجانا طبيعية ومركزا سياحيا متكاملا ويضم فنادق من أبرزها «فلسطين» و«السلامليك» ومطاعم فاخرة وحديقة للأطفال.
والإسكندرية هي ثاني أكبر المدن المصرية بعد العاصمة القاهرة، وهي مليئة بالأماكن التراثية والآثار القديمة كما تعدّ أيضا ينبوعا مهما للثقافة، خاصة مكتبتها المشهورة، بالإضافة للمسارح التاريخية والحصون والمتاحف.
آثار عائمة
يُضاف إلى كلّ ذلك ، ما تكتنزهُ المدينة من آثار ما تزال في حاجة إلى جهد الاستكشاف، ومن أطرف ما في هذه الكنوز المخفية الآثار العائمة الموجودة تحت سطح البحر ومن أبرزها بقايا منارة الإسكندرية العظيمة والّتي اعتبرت في فترات ما من بين معجزات الإنسان عبر التاريخ والتي تهاوت نتيجة عوامل مناخية ورجّات أرضية على أعماق البحر بالإضافة إلى قصور غمرتها المياه منها ما يُنسبُ إلى الإسكندر المقدوني ومنها المنسوب لخليفته الملكة كيلوبترا الشهيرة وبقايا لسفن ومعدات حربية.. إنّها مدينة الآثار العائمة.
وقريبا وخلال عقد ونصف شهدت المدينة حملة تطويرية عملاقة أزاحت الآلاف من البنايات العشوائية على طول الساحل وتشييد منتجعات وفنادق وبناءات حديثة لعلّ أبرزها جسر سان ستيفانو العائم الّذي شيّد بدايات هذا القرن حينما رفض مالكو فندق الفورسيزونز هدم المبنى وتعهدوا بالمساهمة في تمويل تشييد ذلك الجسر الّذي أصبح إلى جانب النزل أحد أهمّ المعالم السياحية في المدينة ، وكان الفندق المشار إليه شيّد سنة 1930 في منطقة سان ستيفانو التاريخية على أرض كانت قصرا للكونت زيزينيا وحمل حينها اسم «فندق سان ستيفانو»، وأعيد بناؤه مرة أخرى في عام 1960، ثم أغلق في وقت آخر وبيع لشركة عقارات محلية وفي جويلية 2007 افتتح الفندق تحت يافطة «فورسيزونز» ليكون أحد أبرز المعالم السياحية في الإسكندرية.
800 ألف زائر و700 ألف مصنّف
ومن الصعب على زائر مستعجل للمدينة أن يطوف بما فيها من معالم ومواقع أثرية وتاريخية في وقت مضغوط بالالتزامات المهنية وجلسات العمل ومواعيد السفر والتنقّل الجماعيّة المقلقة ولكن وحتى وإن كان السفر خاطفا ووجيزا فإنّ زائر الاسكندرية لا يُمكنهُ أن يقطع عن نفسه التشوق إلى زيارة مكتبتها الشهيرة.
وهذا ما فعلته وأنا أدخل المدينة في طريق العودة من مدينة العلمين بمحافظة مطروح في اتجاه القاهرة، ألححتُ على سائق التاكسي بسرعة الانتقال إلى حيث تلك المكتبة ...
مكتبة الإسكندرية شهيرة ليس فقط بتصميمها الجديد الّذي رعته منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونسكو) في عام 2002 بل لأنّها تختزل أحد أهم جوانب التاريخ الإنساني، فالمكتبة القديمة ، والتي بُنيت على أنقاضها المكتبة الحالية، كانت أول مكتبة للعموم عرفها التاريخ، وشيّدها الإسكندر الأكبر قبل ألفي عام لتضم مجموعات نادرة من المخطوطات العلمية، من بينها أعمال هوميروس، ومكتبة أرسطو، ويزور المكتبة سنويا أكثر من 800 ألف زائر من مختلف أنحاء العالم يأتون للإطلاع واستكشاف عدد هائل من الكتب والمخطوطات فاق 700 ألف كتاب ومخطوط والمكتبة مصمّمة لتستوعب 8 ملايين مصنّف.
تمّ تصميم مكتبة الإسكندرية الحديثة على شكل قرص مائل يرتفع من الأرض ويتكون من أربعة مستويات تحت سطح الأرض وسبعة مستويات فوقه والجدران الخارجية للمكتبة مكسوة بأربعة آلاف كتلة من الغرانيت نقشت عليها حروف أبجدية من لغات عديدة ،وتضم المكتبة قاعة قراءة رئيسية بألفي مقعد وست مكتبات متخصصة وثلاثة متاحف وسبعة مراكز بحثية وثلاثة معارض دائمة وقاعات للمعارض الفنية، وقبة سماوية، وقاعة للاستكشافات، ومركزا كبيرا للمؤتمرات، وساحة للحضارات، ومكاتب إدارية.... ربّما تحتاج مكتبة الاسكندرية لوحدها أسبوعا أو اثنين لاستكشاف كلّ ما فيها من مخزونات ثقافية وتاريخية نادرة وفريدة ومن كلّ أنحاء العالم ومن مختلف الحضارات والحقب التاريخية.
المماليك وقلعتهم التاريخية
أستحثّ الخطى أطلبُ من سائق سيارة الأجرة «الشاب هيثم» أن يُسرع فهناك المزيد من الوقت لزيارة معلم آخر أو معلمين...على ماذا يكون الاختيار؟
إنّها قلعة قايتباي التي شيّدت في القرن الخامس عشر وتعدّ واحدة من الآثار الإسلامية في الإسكندرية (عهد المماليك)، وتقع في الطرف الشمالي بمدخل الميناء في موقع منارة الإسكندرية التاريخية، وتختزل القلعة فنون العمارة الحربية ذات التحصينات الدفاعية ، ويقول المؤرخون إن القائد قايتباي قد استخدم بقايا المنارة الشهيرة في تشييد أجزاء من القلعة، ولا تنفكّ القلعة بموقعها المتميّز تستقبل الآلاف من الزوار يوميا من المصريين وغيرهم يطوفون أرجاءها يستكشفون ما بها من معالم وينعمون بجمال الطقس داخلها وفوق «أسطحها»... أسرعْ «ياهيثم» فالوقت يُطاردنا.
إلى عمود السواري
إلى أين الآن؟ سابقنا السيارات والحافلات وعربات الترامواي الّتي كانت جميعها تتقاسم الطرقات ، «إلى المنطقة الأثرية بحي «كرموز» الشعبي حيث يقع «عمود السواري»، هكذا قرّر مرافقي.. والعمود أحد المعالم الأثرية بالمدينة وهو مشيّد من الغرانيت، ويبلغ ارتفاعه 25 مترا، وأقيم وسط آثار السيرابيوم عام 297 ميلاديا تخليدا لذكرى الإمبراطور دقلديانوس... كان لا بدّ من بعض الإجراءات الأمنية للتثبّت من الهوية واستكمال دفع ثمن التذكرة لي ولمرافقي سائق التاكسي الذي غدا متعاونا وأقرب ما يكون من المرشد السياحي... وليس العمود وحده يلخّص تاريخية الموقع فهناك تحت الأرض دهاليز سريّة ممتدة للعشرات من الأمتار داخلها أماكن للتعبّد (قدس القداس) وفي آخر أحدها انتصب مجسّم «العجل أبيس» المذكور في القرآن والذي كانت شعوب قديمة تعبدهُ وكانت تُقام له التماثيل والطقوس.
انتهى زمن الترحال ولكن لم تنته معالم وآثار الاسكندريّة...فهناك أيضا متحف الإسكندرية القومي والمسرح الروماني والمتحف اليوناني الروماني بالإضافة لمتحف المجوهرات الملكية الذي يضم مجموعة مجوهرات أسرة محمد علي ومتحف حسين صبحي للفنون الجميلة، ومركز محمود سعيد للمتاحف، ومتحف كفافيس، ومتحف البرديات، ومتحف حسين صبحي، ومتحف الموزاييك... ربما في رحلة أخرى نستكشف هذه المواقع.
بقي أنّه واعتبارا لهذه الميزات المعمارية والطبيعية والتاريخية فقد نالت الإسكندرية تشريف جامعة الدول العربية باختيارها أوّل عاصمة للسياحة العربية (2010) بعد تنافس مع عدد آخر من المدن العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.