من المفترض، أن يكون المشهد الفلسطيني الذي نتابع، من اعتداءات الاحتلال على الانسان والحضارة والأرض، من المفترض أن يكون في ترابط عضوي مع ما أمكن أن يصدر من قرارات وتوصيات، عن القمة العربية الأخيرة.. إذ ما زالت قرارات قمّة سرت، لم يجفّ حبرها، حتى شهدنا كيف تعاملت آلة الاحتلال الصهيوني مع أبناء فلسطين في يوم الأرض. فأيّ فصل بين ذاك الجدل والمطارحات والاختلافات العربية، والتي شهدتها الجلسات المغلقة للقمة وبين ما يحدث ماديا وعلى الأرض في فلسطين، يعدّ أكبر طعنة في جدية أي عمل عربي مشترك حتى وإن كان لم يغادر حدّه الأدنى.. إن «إسرائيل» ولكي تكفّ عن غيّها وعن صلفها، كان لا بدّ وأن يقف العرب وقفة واحدة، وقفة فيها تهديد بما هو مازال بين أيديهم من أوراق في هذا المجال. نحن نعلم، أن للعرب أوراق ضغط عديدة، بإمكانهم استعمالها، وقد انكشفت جلّها خلال أشغال القمة. نعم، للعرب، إن هم شاؤوا، عديد الخيارات التي يمكنهم التلويح بها.. فهذه أوروبا الاتحاد، لا يمكنها أن تخاطر بمصالحها العربية، في سبيل دعم طرف هو بالمحصّلة يعبث بمصالح الغرب ذاته، هذا الغرب، الذي نعلم أنه يأخذ من «اسرائيل» رأس حربة لمصالحه.. الشأن نفسه، ينسحب على مصالح الولاياتالمتحدة العربية، وهي عديدة، وكان يمكن ومازال الأمر ممكنا أن يلوّح العرب ببضعة أوراق «يضغطون» بها على مصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية. وهذه المصالح، ليست بالضرورة، مصالح نفطية.. بل هناك مجالات عدّة، للعرب فيها، إن أرادوا، امكانية وقفة. وقد شهدنا جميعا، كيف أن مجرّد تلويح شقّ من العرب، خلال وقُبيل انعقاد قمة «سرت»، بالتراجع عن نهج المفاوضات وعن تجميد ممكن للمبادرة العربية، رأينا كيف ارتعدت فرائص أصحاب العناوين الدولية، فجاء الأمين العام للأمم المتحدة، شبه «متوسّل» للعرب، كي يتمسّكوا بنهج التفاوض، وقد كلّفه ذلك خروجا متّفق عليه دون ريب عن نهج التودّد لإسرائيل، بحيث انتقد ممارسات اسرائيل الاستيطانية علنا، وعلى الهواء.. وكذلك كان شأن وزير خارجية اسبانيا الذي تحدّث الى قمّة «سرت» باسم الاتحاد الأوروبي.. نعم، بأيدي العرب، عديد أوراق الضغط لصدّ «اسرائيل» عن جرائمها وصلفها، لكن ما ينقص النظام الرسمي العربي، هو تجانس الارادة باتجاه الوقوف وقفة واحدة، أمام أصحاب المصلحة عندنا، وهم كُثّر.. الإرادة العربية المتجانسة والموحّدة، وحدها القادرة على إيقاف النفاق الدولي،وتحميل المجتمع الدولي لمسؤولياته الحالية والتاريخية.. أما مواصلة دسّ الرأس في الرمل كما النعامة، واعتماد سياسة تشويه مقاصد الممانعة، واتهام المقاومة وحمل السلاح في وجه المستعمر، واعتبار التلويح بأوراق الضغط، أمورا متقادمة، أكل عليها الدهر وشرب، فهذه أمراض، لا يمكن أن يُشفى منها أصحابها، إلا متى احتكموا في آرائهم، الى صناديق شفافة وبرامج سياسية يضعونها أمام ناخبيهم، وبالتالي الى الشعب المعنيّ وحده بأي فعل سياسي.. أي عندما يتحول الانسان العربي، الى مواطن من المحيط الى الخليج..