منذ خمس سنوات تقريبا، اشتكى أهل السينما، والمخرجون والمنتجون والموزعون تحديدا، من زحف المسرحيين على فضاءاتهم (قاعات السينما) التي كانت ولا تزال تعاني من أزمة كبيرة. وقد تحوّلت قاعات السينما وقتها الى فضاءات للعروض المسرحية وخصوصا في شهر رمضان الذي تنتعش فيه العروض الكوميدية. اليوم وقد احتدت الأزمة أكثر لم تجد قاعات السينما التي أصبحت في معظم الأوقات شاغرة، خيرا حتى في أهلها الذين خيروا عليها دور غيرهم المسرحيين لتنظيم عروضهم وتظاهراتهم. غدا، الخميس 01 أفريل 2010 تنطلق فعاليات اللقاءات الدولية للفيلم الوثائقي بتونس في دورتها الخامسة. وخلافا للدورات السابقة ستنتظم عروض هذه الدورة في دور المسرح: قاعة الفن الرابع، ودار المسرح والسينما ابن رشيق والمسرح البلدي. ماذا يحدث؟ هل انقلبت المفاهيم أم أن هناك مؤامرة على قاعات السينما من أجل القضاء عليها نهائيا؟! في كل التظاهرات السينمائية في العالم وحتى في تونس عادة ما تنتظم العروض السينمائية في دور السينما، وحتى ان لم تتوفر دور السينما، فإنه يتم انشاؤها في شكل خيام كبيرة (chapiteaux) أو في الهواء الطلق على شاشات عملاقة. لماذا فضلت ادارة مهرجان الفيلم الوثائقي بتونس دور المسرح لعرض أفلامها بدل قاعات السينما؟ الواضح أن ما يحدث هو فعلا «سينما» و«مسرح» بمعنى العجيب والغريب. والعجيب هو مقاطعة اللقاءات الدولية للفيلم الوثائقي بتونس لقاعات السينما، أما الغريب فهو منح الدولة فضاءاتها المسرحية لمنظمي هذه اللقاءات، ومجانا! فهل تكون المسألة مدروسة الهدف منها القضاء على قاعات السينما، لأن في ذلك قضاء أيضا على الأزمة، ففي اختفاء قاعات السينما لا يمكن الحديث عن أزمة قاعات أو أزمة جمهور.