عاجل/ توقف بطاحات جربة..    هام/ "الصوناد" تضع خدمة الأرساليات القصيرة على ذمة المواطنين..    النفايات البلاستيكية تهيمن بشكل كبير على السواحل التونسية    علاش القطط والكلاب يكلوا العُشب؟ العلماء عندهم تفسيرات غريبة    وقتاش البحر يجبد للداخل؟ خبير يفسّر ظاهرة المد والجزر في شواطئ تونس    تراجع قائم القروض البنكية غير المهنية الى أواخر مارس 2025    أقصاها في صفاقس.. تهاطل كميات هامة من الأمطار خلال ال 24 ساعة الماضية    الرّابطة الأولى : تعيينات مباريات الجّولة الثالثة    باحثون تونسيون يبتكرون جوارب تعيد الثقة والحركة لذوي الاحتياجات الخاصة    عاجل: إنهاء مهام مسؤول في تنظيم الحج والعمرة    مخبر النسيج بمعهد الدراسات التكنولوجية بقصر هلال يقوم بتسجيل 40 براءة اختراع 3 منها خلال السنة الجارية (مديرة المخبر)    تاكلسة: وفاة شاب في حادث مرور    تيمور تيمور غرق وهو ينقذ ولدو... وفاة صادمة للفنان المصري    حمزة شيماييف بطل العالم للفنون القتال المختلطة    محمد الجبالي يلمّح إلى تشابه لحن بين أغنيته وفضل شاكر    أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي يسلّط الضوء على دلالات الأرقام الجديدة للنمو والتشغيل    كان ناوي على غطسة اليوم...شوف كيفاه باش تكون حالة البحر والحرارة    حركة انتقالات نشطة للترجي: لاعب برازيلي يرحل ولاعب جزائري ينضم    ورشات في التحليل السينمائي من 20 الى 23 اوت القادم بمنزل تميم    مي فاروق تحيي ذكرى أم كلثوم على ركح قرطاج أمام جمهور غفير    عاجل: اليوم...آخر نهار للتسجيل في برنامج تشغيل ذوي الإعاقة    قبل ما ترقد، تستعمل التليفون.. أما تعرف شنوّة تأثير الضوء الأزرق عليك؟    انفجاران يهزان محطة لتوليد الكهرباء جنوبي صنعاء    للمطالبة بصفقة تبادل في غزة.. مظاهرات أمام منازل وزراء وإغلاق طرقات في إسرائيل    جربة: انطلاق اشغال ترميم جامع بن معزوز    بطولة أمم إفريقيا للمحليين – مدغشقر تحجز بطاقة العبور إلى ربع النهائي    "واشنطن بوست": محادثات ترامب مع زيلينسكي وقادة الاتحاد الأوروبي بعد القمة كانت متوترة    إندونيسيا: إصابة العشرات بعد زلزال بقوة 6 درجات    النادي الافريقي: راحة بيومين للاعب فهد المسماري    الألعاب العالمية شينغدو 2025 (الكرة الحديدية): الثنائي التونسي منى الباجي وخالد بوقريبة يتوج بذهبية الزوجي مختلط في اختصاص الرمي بالدقة    الحرارة بين 29 و40 درجة: تقلبات جوية مرتقبة بعد الظهر...بهذه المناطق    الجزائر تسحب الحافلات المتهالكة بعد "كارثة الوادي"    نقل تونس: فتح محضر في حادثة تهشيم بلور إحدى الحافلات الجديدة    دقاش توزر: مواطنون يستغيثون: محطات النقل .. معاناة في الصيف والشتاء    عاجل: وفاة مدير تصوير مصري معروف    تاريخ الخيانات السياسية (48) .. انقلاب على المقتدر بيومين    مرتضى الفتيتي في حفل بمهرجان سوسة الدولي...فقدت الوعي فعواطفي هي التي غنّت الليلة    كوميديا اجتماعية بلمسة نسائية .. «للاّهم» تُبهر جمهور مسرح قرمبالية    في الصّميم : شطحات السّالمي.. انحراف التّحكيم و«مافيولا» زهمول    الاتحاد التونسي للفلاحة يعتبر احترام مؤسسات الدولة ورموزها والمحافظة على السلم الإجتماعية مبادئ ثابتة    حجز أجهزة تكييف    نابل: انتهاء موسم جني وتحويل الطماطم بإنتاج حوالي 260 ألف طن    ناج من حادث الجزائر يروي لحظات الرعب : تفاصيل صادمة    عاجل/ ارتفاع ضحايا التجويع في غزة إلى 251 شهيدا..    عاجل/ جمعية القضاة تدعو إلى الإفراج عن المسعودي..    حجز 4 محركات ضخ وقوارير غاز منزلية بمنطقة الزقب بأوتيك..    مونديال الكرة الطائرة: المنتخب الوطني ينهي مشاركته في المركز الثاني والعشرين    احذر.. النوم المفرط قد يدمّر صحتك بدل أن يحسّنها!    عاجل/ نواب بالبرلمان يقررون مقاضاة هؤلاء المسؤولين..    عاجل: قمة بوتين وترامب بألاسكا.. محادثات مثمرة بلا أي اتفاق رسمي    عاجل/ الرصد الجوي يصدر نشرة متابعة..وأمطار منتظرة بهذه المناطق..    حملة وطنية لمراقبة ''الكليماتيزورات'' تسفر عن حجز آلاف الوحدات غير المطابقة...شنيا لحكاية؟    طقس اليوم: خلايا رعدية مصحوبة بأمطار أحيانا غزيرة بهذه الجهات    دراسة تحذّر من ظاهرة صحية خطيرة مرتبطة بعطل نهاية الأسبوع    تاريخ الخيانات السياسية (47) ..وزراء و أمراء زمن الخلافة العباسية يحتكرون السلع    خطبة الجمعة...التوسّط في الإنفاق ونبذ الإسراف والتبذير    عاجل : فلكيا...موعد عطلة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين العام و الخاص    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديقة بلا سياج: أواصل الحديث معك...
نشر في الشروق يوم 06 - 04 - 2010

ليس لأنّك لا تستحقّ الرثاء بل لأنّك لا تحبّه...وهو إحساس تقاسمناه وتبادلنا فيه الرأي مرارًا أمام البحر في تلك الهنيهات النابليّة القصيرة...معترفين بأنّ من حقّ الراحلين علينا أن نواصل الحديث معهم كأنّهم يحيون...
لن أرثيك لكنّي أواصل الحديث معك...
هل تعرفُ أنّي قرأتُ إرساليّة نعيك: «محجوب العيّاري غادرنا!! » فأخذتُ أبحث عن رقم تليفونك في ذاكرة المحمول؟! ماذا أريد الآن برقم تليفونك؟ أن أسمع صوتك لأتأكّد من أنّك بخير؟ أن أهاتفك لتنفيَ الخبر؟ أن أبحث لنفسي عن لغةٍ قادرة على رفضِ رحيل أيّ شاعر أو كاتب أو مبدع؟
لن أرثيك يا محجوب...
لكنّي أرفع رحيلك صرخة احتجاج، مرّة أخرى، في وجه هذا الصيّاد الذي لا يكلّ ولا يملّ...أسأله بسذاجة الطفل نفسه: ألا تكتفي يا موت؟ ألا تشبع يا موت؟ ألا تتعبُ يا موت؟
لماذا لا تستريح يوم الجمعة أو يوم السبت أو يوم الأحد أو على الأقلّ في العطلات الرسميّة؟ لماذا لا تتقاعد؟ لماذا لا تضع منجلك جانبًا كي تستحمّ وتقصّ مخالبك؟ لماذا لا تُغرَم ب«الفوتبول» أو بلعب الورق أو بمشاهدة المنوّعات الفارغة؟ لماذا لا «تحرق» إلى المرّيخ أو إلى الجحيم أو إلى ستّين داهية؟ لماذا لا تنشغل عنّا بمن يستحقّ الموتَ فعلاً؟
أستطيع أن أمدّك بأسماء ألف مُحتلّ، ألف مُستبدّ، ألف غشّاش، ألف مهرّب مُخدّرات، ألف مُجرم حرب، ألف نخّاس، ألف لحّاس، ألف منافق مزهوّ بنفاقه، ألف مُتملّق متبجّح بتملّقه، ألف رديء يزرع الرداءة في المقروء والمسموع والمرئيّ ويُفسد الذوق وينشر الأميّة نكاية في الجمال والمعرفة...
هؤلاء معروفون يا موت...معروفة عناوينهم الشتويّة والصيفيّة، معروفة أرقام هواتفهم القارّة والمحمولة، معروفة «إيميلاتهم» وصفحاتهم «الفيسبوكيّة»... فلماذا لا تنشغل بهم عنّا؟ لماذا لا تنشغل بهم عن أحبابنا؟ لماذا لا تنشغل بهم عن شعرائنا وكُتّابنا وفنّانينا ومُبدعينا؟
لماذا نشعر أحيانًا بأنّك تستضعفُنا يا موت؟
لماذا نشعر أحيانًا بأنّك تمهل الجلاّدين وتستعجل الضحايا؟ تُمهل القتلةَ وتتعجّل الإطاحة بالقتلى؟ هل لأنّنا وحيدون مُفردون لا جاه لنا ولا سند ولا سلطة؟ هل نحتاج إلى رشوتك لتغضّ عنّا طرفك وتطفئ الضوء وتمرّ إلى الجوار؟ حتى أنت يا موت؟ حتى أنت تأكل من هذا الصنف؟ حتى أنت لابدّ معك من التزييت والتشحيم والرشوة؟
وماذا نفعل أكثر ممّا فعلنا يا موت؟
ماذا نفعل أكثر من أن نذوب نكتب ونشعر ونغنّي ونرسم كي تصبح السماء أعلى والأرض أرحب؟ أم أنّ هذا هو ذنبنا؟ هل أصبحت أنت أيضًا تُغلّبُ الولاء على الكفاءة؟ هل أصبحتَ أنت أيضًا تفضّل المنافقين على الأحرار الصادقين؟ هل أصبحتَ أنت أيضًا تُثيبُ الرديئين وتُعاقبُ الجيّدين؟
وهل يفعل الشعراء أو المبدعون على هذه الأرض إلاّ أن يموتوا طيلةَ حياتهم، لا يفتقدهم أحد، ولا يسأل عن حالهم أحد، ولا يحلّون ضيوفًا على أوقات الذروة والبرامج الباذخة والصفحات الأولى إلاّ إذا زلُّوا أو زالوا، أي إذا صنعوا فضيحة أو تحوّلوا إلى فضيحة؟ لكنْ يبدو أنّ موتهم لم يعد فضيحة يا موت. لم يعد موتُ الشعراء فضيحةً كافية كي ينالوا جزءًا من الألْف ممّا ينالُهُ نافِخُو القِرْبة مُدوِّرُو الحزام راكِلُو الجِلْدَةِ لَحّاسُو الأحذية...لقد هانوا حتى باتوا يعيشون فإذا هم لا يثيرون انتباه جالس، ويرحلون فإذا هم لا يردّون يد لامس!!
لن أرثيك يا محجوب...
لن أرثيك لكنّي أواصل الحديث معك...
هل قلتُ لك إنّي قرأتُ إرساليّة نعيك فأخذتُ أبحث عن رقم تليفونك في ذاكرة المحمول؟!
أحتفظ إلى الآن بأرقام تليفونات أصدقائنا الراحلين...وها هو رقمك ينضمّ إلى أرقامهم...في انتظار أن أُصبح أنا أيضًا رقمًا من تلك الأرقام...
أعدك بأن يظلّ رقمُك في ذاكرة المحمول...أعود إليه في أُوَيْقَاتِ الصقيع العاطفيّ والجحود العامّ...وما أكثرها في هذا البلد...كأنّ شيئًا من العقل الخرافيّ يبيح لي أن أتصوّر ما لا يُعقل...فأحلم بأن أطلب مرّةً أحدكم فيجيب...
من يدري؟
لعلّ أحد أصدقائنا الروائيّين يختطف هذه الفكرة ويرتكب لنا رواية جميلة نستعيد من خلالها أصوات الغائبين...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.