يحتفل التونسيون غدا بالذكرى الثانية والسبعين لأحداث 9 أفريل 1938 التي شهدت هبّة شعبية من التونسيين ضد المستعمر الفرنسي البغيض وللمطالبة ببرلمان تونسي يمكن أبناء الوطن من سن التشريعات وتقرير مصيرهم بكل حرية. ويمثل احياء هذه الذكرى المجيدة كل عام تخليدا لأرواح ودماء الذين سقطوا شهداء من أجل استقلال الوطن وحرية أبنائه، وأيضا اعترافا بنضالات المقاومين الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل تحرير الوطن واعلاء رايته. ولا شك أن ما ننعم به اليوم من أمن واستقرار ورقيّ كان ثمرة نضالات الشهداء والمجاهدين والمقاومين الذين حرروا البلاد ومكّنوا زعماء الاستقلال من بناء أسس دولة عصرية ذات نظام سياسي حداثي ومتطوّر يستند الى أفكار المصلحين والزعماء التنويرية، قبل أن تعيش اصلاحات عميقة قبل عقدين ونيف من الزمن بإقرار عهد التغيير الذي جاء بمشروع مجتمعي حداثي وعقلاني وأرسى تجربة تنموية متفرّدة في محيطها. وفي الحقيقة فإن الاعتراف بأفضال الشهداء والمقاومين وتخليد ذكراهم ومآثرهم سلوك حضاري يتوارثه التونسيون وهي غدت ثقافة راسخة في المجتمع والدولة، لا تمر مناسبة الا ويتم استحضار نضالاتهم واسهاماتهم في استقلال البلاد ونمائها. والاعتراف بجهود ونضالات السابقين شيمة من شيم الكبار والكرام والرئيس بن علي واحد من هؤلاء اذ لا تخلو كلمة من كلماته وخطبه في كل المناسبات الوطنية من ذكر نضالات الشهداء والمقاومين الذين حققوا الاستقلال والحرية وحملونا مسؤولية الحفاظ عليها. وقد ينفرد الرئيس بن علي من بين الذين تحملوا مسؤولية الحكم من رؤساء وملوك وسلاطين بخصلة نادرة تتمثل في رعاية وتكريم الرئيس السابق والزعيم الحبيب بورقيبة، باني دولة الاستقلال والحداثة، اذ أنقذه كما أنقذ البلاد في أرذل العمر وكرّمه حيّا وميتا وتصرّف معه تصرّف الابن البارّ بوالده الطاعن في السن. ولا يترك الرئيس بن علي مناسبة دون ذكر مناقب الزعيم بورقيبة والاثناء على دوره في تحقيق الاستقلال وبناء الدولة العصرية مثل حرصه على التحوّل بنفسه كل عام الى المنستير لإحياء ذكرى وفاته والترحم على روحه الزكية. هكذا هي تونس وأهلها مجبلون على الاعتراف بأفضال كل الذين خدموا البلاد وناضلوا في سبيلها مثل إدانتهم وتصديهم لكل من يسيء اليها او يخونها.