بين أمريكا وروسيا حرب باردة سابقة ومعاهدة «ستارت» جديدة ومشاريع معلنة من أجل بناء علاقات دولية أكثر اتزانا... بين أمريكا وروسيا أيضا محطة فضائية فوق «رؤوسنا» وتعاون متعدد الجوانب على الأرض بحارا ومحيطات ويابسة... وبعد توقيع الرئيسين الأمريكي باراك أوباما والروسي ديمتري ميدفيديف يتوقع الخبراء ظهور عديد المصاعب أثناء عملية مصادقة الكونغرس والدوما على المعاهدة... ولا يبدو مع ذلك أن التيار المعارض لمواصلة الحد من الأسلحة النووية سواء في الولاياتالمتحدة أو في روسيا سيتمكن من عرقلة تطور إيجابي طبيعي في العلاقات الدولية بما يحسّن الأجواء «الأمنية» العالمية... ويفترض أن يصادق برلمانا البلدين على المعاهدة في نهاية المطاف خصوصا بعد تمكّن الرئيس الأمريكي من تمرير خطته لإصلاح نظام التغطية الصحية وكذلك بفضل «سيطرة» حزب ميدفيديف بوتين على الدوما... ثم إن تصوير روسيا وأمريكا كبلدين متناقضين واحد في الشرق وآخر في الغرب أمر غير صحيح تماما بما أن النظر الى البلدين من «سقف العالم» يؤكد حقيقة جغرافية وتاريخية وسياسية طالما يتجاهلها المعنيون بالبحث في العلاقات الامريكية الروسية... وحين نضع القطب الشمالي في قلب الخارطة سندرك أن كيلومترات قليلة (64) تفصل بين أراضي البلدين... وحين تتجمّد المياه في مضيق بيرينغ يمكن التنقّل على القدمين (تقريبا) بين روسيا وآلسكا الأمريكية... وأكثر من ذلك فإن ولاية آلسكا الأمريكية كانت أرضا روسية الى أن «أهداها» القيصر الى الولاياتالمتحدة... وهذه الهدية وحدها تكفي لفهم طبيعة العلاقات بين الولاياتالمتحدةوروسيا... روسيا وأمريكا حبيبتان... وجارتان وتسكنان في نفس الحارة... العالمية... ومع ذلك... يظل كل شيء ممكنا بين روسيا وأمريكا... والصديقتان قد تتحوّلان الى عدوّتين «حميمتيْن»، ولعلهما تجيدان الدور الأخير أكثر...