حين هاتفتها أول أمس الخميس كانت في طريقها للمشاركة في احياء تظاهرة وطنية حول قضية الاسرى ... كانت تحمل معها ملفا لا تغلق دفتيه... وقضية حوالي 11 ألف أسير فلسطيني منهم زوجها «مروان» وابنها «القسام»... كانت تتحدث بألم ممزوج بالأمل... عن المعاناة والقهر والحرمان... التي يكابدها هؤلاء الأسرى خلف القضبان... وكانت تبوح... بوح الام التي ذاقت مرارة اعتقال الزوج والابن... وأيضا مرارة حمل هموم قضية كبرى... هي قضية وطن أسير... حلمت ذات يوم... ولا تزال على حلمها بأن هذا القيد سينكسر... سواء طال الدهر أم قصر... «الشروق» التقت الاستاذة فدوى البرغوثي في حوار عبر الهاتف تحدثت فيه حول واقع الاسرى... ومعاناتهم في ذكرى يوم الأسير الفلسطيني وفي الذكرى الثامنة لاعتقال زوجها مروان... ومن هنا بالذات بدأ هذا الحديث الذي أتى أيضا على جوانب أخرى متصلة بهذا الملف. تحل اليوم السبت ذكرى يوم الاسير الفلسطيني... ما دلالة ورمزية هذه المناسبة بالنسبة اليك أستاذة فدوى... كإمرأة فلسطينية وزوجة لا سير وأيضا كأم لأسير؟ هذا اليوم هو مناسبة تعبر عن معاناة آلاف الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال... فهذا الشهر (شهر أفريل) هو بالنسبة الينا شهر الفداء... فقد غابت عنا فيه قيادات كبيرة... استشهدت أو أسرت... لقد استشهد في مثل هذا الشهر كمال ناصر وكمال عدوان وأبويوسف النجار والقائد الكبير خليل الوزير... وفي شهر أفريل أيضا اعتقل الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي. لك أن تتخيل أن غياب أسير فلسطيني مثل نائل البرغوثي عن عائلته لمدة 33 عاما وغيره من الأسرى القابعين في سجون الاحتلال لا يمكن أن يكون شيئا طبيعيا... ولا يمكن أن يخلق ظروفا طبيعية... اليوم أكثر من نصف الشعب الفلسطيني فيما آلاف الاسرى يقبعون في السجون الصهيونية... الأسير الفلسطيني بعد 33 عاما تغيرت حياته... وتغيرت أيضا ظروفه في اتجاه الأسوإ... وهو حتى حين يعود لا يرى الأب والأم ولا يرى بعضا من أصدقائه الذين فقدوا. في هذه المناسبة أقول انني أتمنى أن لا يتم تناول قضية الأسرى بيعدا عن انسانية هذه القضية... فالأسرى ليسوا أرقاما.... هم أسماء... وهم عناوين للنضال والحرية... هم قضية شعب يرزح تحت الاحتلال... كل واحد من هؤلاء الأسرى له قضية وطنية... قضية كبرياء... صادفت الخميس (أول أمس) الذكرى الثامنة لاعتقال القائد مروان البرغوثي... ماذا تعني لك مثل هذه المناسبة من حيث أبعادها الانسانية والسياسية؟ هذه المناسبة صحيح أنها مؤلمة جدا... حيث أنه 8 سنوات غاب فيها مروان عن شعبه وأمته... غاب بجسده خلف القضبان ولكنه لم يغب بروحه وبرسالته... مؤلم أن يبقى مروان داخل السجن طوال هذه المدة ولا تستطيع الأمة الافراج عنه.... هذه المناسبة هي مناسبة للتأكيد على صمود الشعب الفلسطيني ومهما حاولت اسرائيل أن تقتل معنوياته وان تعذبه فإنها لم تستطع ولن تستطيع أن تعتقل ارادته... ارادة الحرية والحق في العودة. في آخر مرة زرت فيها مروان... كيف وجدته... وكيف بدت لك معنوياته؟ مروان معنوياته دائما عالية... فرغم أن التواصل معه صعب فإنه يظهر في كل مرة متحديا سجانيه وبمعنويات عالية جدا... مروان اليوم متفائل ومؤمن بالشعب الفلسطيني وبقضيته... وهو صامد في عرينه... وقد زرته آخر مرة في 23 مارس الماضي... وكما في المرات السابقة وجدته أكثر تفاؤلا وايمانا... بأن الاحتلال سيزول... وأنه يراهن على قوة الشعب الفلسطيني وصموده... وهو يؤكد أنه لا يمكن للشعب الفلسطيني الا أن ينتصر... مهما فعلوا ومهما اعتقلوا من أبنائه... عرفت كأم وزوجة تجربتين مريرتين... اعتقال الزوج مروان ثم اعتقال الابن «القسام»... كيف عشت أستاذة فدوى... هاتين التجربتين؟ اعتقال الزوج هو اعتقال وغياب رب الأسرة وغياب الصديق الحبيب القائد للشعب... واعتقال الابن هو اعتقال فلذة كبد الأمم وقلبها... ولكن أقول ان اعتقال زوجي وابني لم يزدني ويزيدهما الا صمودا... فكما قال مروان نحن أصحاب رسالة ومستعدون لدفع أي ثمن من أجل هذه الرسالة... حتى ولو كانت الشهادة... الاعتقال كان أيضا نصيب الكثير في النساء الفلسطينيات... وأنت كناشطة في نادي الأسير وفي الحملة الشعبية للافراج عن الأسرى وفي وزارة الأسرى وكمحامية متخصصة في موضوع المعتقلين... عشت حالات كثيرة لنساء أسيرات... كيف ترصدين صور معاناة المرأة الفلسطينية؟ النساء كانت أعدادهن بالمئات اللاتي دخلن الى معتقلات الاحتلال... ولكن اليوم هناك 150 أسيرة فلسطينية معظمهن انتهت مدة اعتالهن... والبعض تم تحريرهن مؤخرا في اطار صفقة شاليط... الآن العدد هو 34 أسيرة... منهن متزوجات... ومنهن أيضا أخوات مناضلات... وبقاؤهن في السجن هو في الحقيقة مؤلم للشعب الفلسطيني ولكل الأمة... كذلك لا ننسى أن هناك أيضا أكثر من 350 طفلا أسيرا.. فأي دولة هذه لديها قوانين تجيز اعتقال الأطفال؟ تحركاتكم التي تقومون بها في عدد من المؤسسات المدافعة عن الأسرى... هل أثمرت نتائج ما.. وهل لقيتم تجاوبا عربيا ودوليا مع هذه القضية؟ منذ اختطاف القائد مروان ونحن نعمل مع متخصصين من أجل إنهاء معاناة الأسرى وقد استطعنا زيارة 50 دولة في العالم بناء على دعوات رسمية وبرلمانية ومؤسساتية وشعبية.. وقد تمكنا من التعريف بقضية الأسرى على أنها قضية الإنسانية والعدالة.. وأنهم أصحاب حق وليسوا مجرمين.. نحن نحاول قدر الإمكان الدفاع عن هذه القضية ولكن ملف الأسرى يحتاج إلى خطة عربية وطنية شاملة.. لأن المطلوب ليس الإفراج عن الأسرى فقط... بل إن المطلوب أن نحمل رسالتهم.. رسالة الحرية إلى كل أصقاع العالم...