الثعلب في الذاكرة الشعبية هو رمز المكر والخداع والمراوغة حتى قيل في شأن الماكر الغادر الناكر: «يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ عنك كما يروغ الثعلب». ومن منّا لا يذكر «ثعلب الصحراء». ذاك الهجوم الكاسح الذي أتى على عراق الحضارة والثقافة. والبناء. والشموخ والعقول المحصنة بالآداب والعلوم والمعارف. والفنون فدمره تدميرا وحوّله إلى صحراء لثعالب الصحراء التي لا يحلو لها عيش إلا على احتساء الدماء الساخنة ونهش الأجساد الحية بعدما أعطى لأهل الرافدين من طرف اللسان حلاوة ثم راغ وكيف لا يروغ الثعلب وتلك غريزة الثعالب وللّه في خلقه شؤون المعروف والشائع هو أن الكلاب تكن عداء أزليا مفرطا للثعالب. فمن أصلح بين الثعالب والكلاب وأرسى صلحا بينها في العراق؟ سؤال حكم عليّ بالأرق. وانتصب جدارا عازلا بين جفوني. وبتو أصبحت ولازلت أبحث عن جواب لهذا السؤال الثعلب الكلب الذي قفز إلى ذهني وانقضّ على خلايا مخي ينهشها وأنا أستمع إلى قارئ الأخبار ي قناة «صلاح الدين» الفضائية العراقية. وهو يبشر العراقيين بوصول خمسة وعشرين كلبا كدفعة جديدة هدية من أمريكا إلى الشرطة العراقية لتعزيز أمن العراق. أكيد أن أمريكا ستسحب جيوشها من العراق وستُبقي على كلابها فيه هدية لأحفاد «صلاح الدين» وهكذا يعرف التاريخ ولأول مرة بلدا تنهشه ثعالب الدم وتحميه كلاب الشم. أما أنا فلا أعرف عن الثعالب والكلاب سوى ذاك المثل الشعبي الساخر ممن يزعمون الزعامة والبطولة والشهامة والفحولة والرجولة وهم إليها أفقر خلق اللّه إنه ذاك المثل النداء القائل «هاتو الكلاب هاي ثعلب»..