يحكى في حاضر الزمان. والأوان. أن ثعلبا وثعالى من البشر اتفقا على نصب شرك لتاجر غرّ قصد نهبه. فاكتريا سيارة مرسادس من آخر طراز وقصداه. وأوهماه بأنهما يبحثان عن ثعلب فيه شفاء لعلّة مستعصية وبأنهما مستعدان لشرائه بثلاثين ألف دينار وكلفاه بالمهمة.. وسلماه رقمين لهاتفين واحد جوال والآخر متنقل حتى يتصل بهما عند الحصول على الثعلب المنشود. فهام الرجل المسكين بين الكهوف والمغاور وفجاج الجبال يبحث ويترصد أثرا للثعالب وكان حليفه الفشل في سعيه الدؤوب وبعد أيام توقفت شاحنة في ساحة المتجر وبها ثعلب موثوق القيد.. عندها انفتح باب العرش عفوا باب الشاحنة في وجه التاجر وطلب من المولى أن يرزقه ذاك الثعلب فكان له ما أراد بعد أخذ ورد ومساومة وروغان ثعلبي مع أصحاب الشاحنة والثعلب وانتهى به الأمر إلى شراء ذاك الثعلب بثمانية عشر ألف دينار «كاش» وفي رواية أخرى «كارطة تحك كارطة» قبضها أهل الثعلب ثمن الثعلب وارتحلوا إلى حيث لا أحد يدري، وبقي شاري الثعلب مع الثعلب يطلب من كلفاه بشراء الثعلب الشافي للعلّة ليبشرهما بالثعلب الغالي عبر الخطين الهاتفيين النقال والجوال اللذين تسلمهما من الثعلب والثعالى البشريين. ولم يتلقّ ردّا إلا من صوت أنثوي رقيق حلو النبرات يقول: «معذرة الرقم المطلوب غير مسجل بالشبكة». عندها أدرك المسكين أنه وقع في شبكة ذاك الثعلب وتلك الثعالى فأغمي عليه مما سمح للثعلب المربوط بأن يفكّ الرباط ويهرب بجلده وجلد التاجر المجلود جلدا. وهكذا يتأكد جليا حتى لأكثر الناس تخلّفا ذهنيا أن في الناس ثعالب وفيهم من بأمخاخهم كهوف ومغاور تسكنها وتتوالد فيها لا الثعالب فقط وإنما كذلك الثعابين والأفاعي والعقارب والبوم والغربان والحشرات السامة التي لا يحلو لها عيش إلا في الظلام الدامس. ولهذا لا غرابة إطلاقا إن وجدنا اليوم بيننا مختصين في جيولوجيا العقول والبحث عن الكهوف والمغاور، في الأمخاخ حيث يزرعون الفقّاع السّام والفقاقيع الخاوية.