ولد المرحوم الباهي الأدغم بتونس العاصمة وانطلق منذ سن مبكرة في العمل الوطني حيث كان ضمن الشباب المنظم للمظاهرات المدرسية في شهر ماي 1930 احتجاجا على انعقاد المؤتمر الأفخرستي وعلى الاحتفال بمرور خمسين سنة على انتصاب الحماية في شهر ماي سنة 1931 فنتج عن ذلك طرده من المدرسة الصادقية، كما كان من مؤسسي جمعية الشبيبة المدرسية التي كانت منبرا من منابر الحركة الوطنية. ساهم المرحوم الباهي الأدغم في حركة الاحتجاج الشعبية ضد اعتقال قادة الحزب الحر الدستوري الجديد في شهر سبتمبر سنة 1934 وبعد الإفراج عن الزعماء سنة 1936 ساهم المرحوم الباهي الأدغم في إعادة تنظيم الحزب والكتابة في جريدة «لاكسيون» لسان الحزب الحر الدستوري كما شارك في المؤتمر الثاني للحزب المنعقد في شهر أكتوبر سنة 1937 نائبا عن شعبة أحواز العاصمة. وإثر حوادث 9 أفريل سنة 1938 اعتقل الباهي الأدغم، وبعد أن أطلق سراحه في شهر أوت سنة 1938 استأنف الكفاح إلى جانب الدكتور الحبيب ثامر ونتيجة لذلك تعرض الباهي الأدغم إلى الاعتقال من جديد في شهر نوفمبر سنة 1939 حيث حكم عليه في 10 فيفري سنة 1940 بالأشغال الشاقة لمدة 15 سنة وبالإبعاد لمدة مماثلة بتهمة النيل من أمن الدولة والتحريض على العصيان كما نقل إلى سجن الحراش بالجزائر ثم إلى سجن لومبار حيث قضى بهما 5 سنوات إلى أن شمله العفو في 7 ماي سنة 1944. وما إن استعاد الباهي الأدغم حريته استأنف النشاط والكفاح السياسي بتحرير المقالات في الصحف والمساهمة في تكوين إطارات الحزب وتنظيم صفوف الشبان المناضلين. وكانت له مهمات وطنية متعددة بالخارج لتوثيق الصلات مع البلدان والأحزاب الشقيقة وعرض القضية التونسية على جامعة الدول العربية وفي مرحلة التفاوض مع الحكومة الفرنسية سنة 1951، وعند عرض القضية التونسية على المحافل الأممية في نيويورك أسس المكتب التونسي للتحرير الوطني وألقى عدة محاضرات للتعريف بالقضية الوطنية وفي سنة 1955 عاد إلى تونس لينتخب أمينا عاما للحزب في مؤتمر صفاقس كما انتخب نائبا في المجلس القومي التأسيسي. والمناضل الباهي الأدغم له مكانة محترمة في النضال الوطني والإسهام في إقامة الدولة المستقلة وبناء النظام الجمهوري وتعزيز أركانه على امتداد 15 سنة فهو ممثل الحزب عن المفاوضات للحصول على الاستقلال وقد عين نائبا لرئيس الوزراء في شهر أفريل سنة 1956، وعند إعلان الجمهورية عين كاتب دولة للرئاسة والدفاع الوطني وأسس الجيش الوطني وقد احتفظ بهذا المنصب إلى سنة 1969 حيث عين وزيرا أولا واستمر في نفس الوقت أمينا عاما للحزب. وإضافة إلى مسؤولياته الكبرى في الحزب والدولة، اضطلع المرحوم الباهي الأدغم بمهمات جليلة خارج الوطن بينت مدى حنكته السياسية والدبلوماسية سواء من خلال حضوره بمؤتمر طنجة للأحزاب المغاربية أو اتصاله بالرئيس شارل ديغول أو من خلال اختياره من طرف الملوك والرؤساء العرب رئيسا للجنة المتابعة لوقف إطلاق النار بين الأردنيين والفلسطينيين سنة 1970 فكانت مهمة ناجحة قام بها المرحوم على أحسن وجه. وقد عرف المرحوم الباهي الأدغم إلى جانب نضاله الكبير بخصال إنسانية عالية وبالتواضع ونكران الذات وخدمة المصلحة العليا للوطن. مؤلف كتاب ملحمة النضال التونسي: من خير الدين.. إلى زين العابدين