نظّم المعهد العالي لأصول الدين بتونس والمندوبية الاقليمية للجنة الدولية للصليب الأحمر بتونس، وكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس ندوة علمية مغاربية حول موضوع «القانون الدولي الإنساني والعالم الاسلامي» وشارك في هذه الندوة أساتذة باحثون وجامعيون وخبراء دوليون في مجالي الفقه الاسلامي والقانون الدولي الانساني. وفي كلمته الترحيبية بالضيوف قال الدكتور العروسي الميزوري مدير المعهد العالي لأصول الدين بتونس، ان تنظيم هذه الندوة يأتي في إطار دفع مسيرة الشراكة بين المؤسسات العلمية والبحثية والمنظمات الدولية بهدف إرساء قواعد التعاون العلمي والشراكة في معالجة القضايا الفكرية الراهنة. وأكد على أن الاستفادة حاصلة لجميع الأطراف أساتذة وطلبة وباحثين في الالتقاء بالآراء الأخرى والأفكار المختلفة داخل إطار المحافظة على القيم الأصيلة والمعايير الانسانية الراقية والمشتركة وهي أهداف يعمل المعهد العالي لأصول الدين على تحقيقها في عمله. شراكة فاعلة السيد «إيف أرنولدي» رئيس البعثة الاقليمية للصليب الأحمر بتونس، قال في افتتاح الندوة ان التعاون الوثيق بين الصليب الأحمر والمؤسسات الأكاديمية في المغرب العربي ومنها جامعة الزيتونة العريقة سيفسح المجال أمام مشاركة أوسع مع مؤسسات العلوم الاسلامية، وأكد على أن الأحكام ذات الصلة في القانون الاسلامي وقواعد القانون الدولي الانساني تحظى باهتمام خاص في عالم اليوم، مشدّدا على ضرورة التكامل بين القانونين وبيّن ان آراء المتخصصين في العلوم الاسلامية حول القضايا الإنسانية تكتسي أهمية بالنسبة للمنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني. تحديات وفي مداخلته الافتتاحية أكد السيد البشير التكاري وزير التعليم العالي على أن العالم الاسلامي يواجه تحديات اجتماعية وسياسية واقتصادية وعلمية لها انعكاسات سلبية على أمن كل دولة وعلى سلمها وتطوّرها وهذه التحديات تحتّم على كل دولة التعاون مع غيرها من الدول والمنظمات الاقليمية والدولية من أجل توحيد الجهود للوصول الى حلّ يرضي الجميع. وأكد وزير التعليم العالي على أن الدين الاسلامي والقانون الدولي الانساني باستنادهما الى القيم الانسانية الرفيعة والسامية من شأنهما ان يحققا ما تصبو إليه الانسانية من عدالة وأمن واستقرار. وبيّن ان غايات الدين الاسلامي ومقاصده تتفق في جوهرها مع مقاصد القانون الدولي في تحقيق السلم والتعارف والتعاون وشدّد على أن الاسترسال في التعاون بين المؤسسات الجامعية ذات التخصص الديني والمؤسسات الحقوقية والمنظمات الدولية يساعد على تعميق الفهم وتدقيق النظر وإعادة انتاج العلاقات الثقافية لبناء ثقافة السلم والتضامن. استعمار جديد ومن جهته قال السيد بوبكر الأخزوري وزير الشؤون الدينية إن عصرنا الحالي قد جاوزت فيه بعض القوى الحدّ وتعطّلت فيه لغة الحوار ليكون فيه العنف بأنواعه خيارا أوحد. وأضاف ان هذه القوى تصمّ أذانها عن كل النداءات التي تطالب بالسلام والتعايش والتسامح وتمضي في فرض أشكال جديدة من الاستعمار مروّجة لشعارات الكراهية والصراع. وقال إن شعوبنا العربية الاسلامية ذاقت مرارة الانتهاكات المتكررة لهذا القانون الدولي الإنساني ودافع عن أن الدين الاسلامي لم يكن يوما دين عنف أو ظلم. توصيات وقد انتهت اللجنة الى جملة من التوصيات أهمها اعتبار ان هذا التعاون العلمي المتكافئ بين المؤسسات الجامعية ذات الطابع الديني والطابع القانوني والمنظمات الدولية ذات الطابع الحقوقي إنما هو سبيل الى ترقية البحث العلمي وتطوير المعرفة والشراكة الهادفة. وأوصى المجتمعون بضرورة نشر ثقافة القانون الدولي الإنساني بين النشء في مختلف مستويات التعليم، وادراج المواثيق الدولية والقوانين المتعلقة بالقانون الدولي الانساني ذات الاتصال بالنزاعات الدولية في برامج التدريس والإعلام والاتصال. كما أوصوا بضرورة إحداث مرصد لتوثيق الأبحاث في هذا المجال، وبدعم اسهام الكفاءات العربية المتخصصة في مجال القانون الدولي الانساني على مزيد الانتاج والبحث العلمي.