مع اقتراب الموسم الكروي من نهايته وفي الوقت الذي احتد فيه التنافس بين جميع الفرق وطغت لغة التخمينات والحسابات، بدت تطفو على ساحة الأحداث ككل مرة ظاهرة البيع والشراء والرشوة والإرتشاء وتأخذ مكانها كحلول بديلة وفورية بالنسبة لفرق فقدت جزئيا قدرتها على تحقيق هدف الصعود أو ضمان البقاء، أو بالنسبة لفرق أخرى اختارت أقصر الطرق لضمان الحصول على لقب في الأمتار الأخيرة وعدم التعويل على انتصار قد يتحقق أم لا، أو عثرة للمنافس في هذا الملعب أو ذاك قد تحصل أو قد لا تحصل. على كل الظاهرة موجودة و«انفلونزا» البيع والشراء بدأت تتسع رقعة انتشارها مهما حاول البعض مواراتها لتلطيف الأجواء وايهامنا بأن بطولتنا نظيفة وناصعة البياض، آخر ما حملته إلينا حقيبة الأحداث في هذا الشأن قضية من نوع خاص فجّرها مؤخّرا حارس الملعب القابسي معز بن ثابت وأخذت طريقها رسميا داخل أروقة المحكمة الابتدائية ببنزرت كشف من خلالها عن محاولة لإرشائه من طرف جهة تنتمي لفريق مستقبل قابس طلبت منه التخاذل في مباراة فريقه ضد مكارم المهدية «الشروق» سعت للإتصال بالحارس معز بن ثابت لاستجلاء الحقيقة من مصدرها وإماطة اللثام عن ملابسات ما حصل. كيف انطلقت العملية؟ الحارس بن ثابت الذي بدت عليه ملامح الحيرة والاستغراب وهو يسرد تفاصيل الواقعة قال في سياق حديثه «كان ذلك يوم الخميس 2010/04/15 على الساعة العاشرة صباحا ولما كنت في غرفتي بأحد نزل مدينة المهدية اتصل بي على الهاتف الجوال شخص لا أعرفه لكنه قدم لي هويته بالكامل ودون مقدمات طلب مني التخاذل في مباراتنا المبرمجة يوم السبت 17 أفريل ضد مكارم المهدية مقابل تمكيني من مبلغ مالي قدره 7 آلاف دينار، لكن بحكم أني كنت أبغض مثل هذه الممارسات الدنيئة نهرته بحدة وذكرت له أني بعيد عن مثل هذه التصرفات ولم يجد صاحب المكالمة من حل غير قطع المكالمة دون أن ينطق بحرف آخر. وتوليت أنا مباشرة إعلام رئيس الجمعية ومرافق الفريق بفحوى المكالمة الهاتفية. الظروف لعبت ضدّي ويضيف محدثنا «في تلك المباراة انهزمنا بهدفين دون مقابل ولعبت الصدفة دورها حيث كان الهدف الأول نتيجة خطإ وسوء تقدير مني وهو ما أجج حمى الإشاعات حيث بلغني بعد نهاية المباراة وبعد عودتنا من المهدية أني قد بعت ذمتي وتخاذلت في تلك المباراة خدمة لمصالح فريق آخر وتسلمت في مقابل ذلك مبلغ مالي كبير، حينها فقط أدركت مصدر هذه الإشاعة. لابدّ من كمين للفاعل في مقابل حمى الإشاعات التي اتسعت رقعتها في مدينة قابس بحث الحارس بن ثابت عن مخرج للورطة التي وقع فيها حيث يقول في هذا السياق «لقد حرصت على اثبات براءتي من هذه التهمة بكل الطرق فاتصلت عبر الهاتف بالشخص الذي حاول إرشائي وثبت أنه غواص يقطن بمدينة بنزرت وطلبت مقابلته وحصل ذلك في احدى مقاهي بنزرت على الساعة 11 حيث أعلمني بأن المبلغ المالي قد تسلمه من أحد مسؤولي فريق مستقبل قابس وهو مودع بإحدى الفروع البنكية بمدينة بنزرت عندها أوهمته بضرورة سحب المبلغ وارجاعه للمسؤول، وبمجرد أن فعل ذلك أخذت منه الوصولات والمبلغ وتوجهت مباشرة إلى وكالة الجمهورية لتقديم شكوى في الغرض. ليست المرّة الأولى وحول سؤالنا له إن كانت هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها إلى محاولة إرشاء أشار الحارس بن ثابت في سياق حديثه أنها ليست المرة الأولى حيث سبق أن وصلته مثل هذه العروض الخسيسة لما كان يلعب في فريق حلق الوادي والكرم ثم حمام الأنف وقوافل قفصة وأضاف بأن بإمكانه أن يكشف كل الأوراق إن لزم الأمر حتى يدافع عن سمعته ومن المفروض ساعتها فتح تحقيق كامل ستتورط فيه عديد الأطراف. الجامعة لم ولن تتحرّك يضيف محدثنا بأن المكتب الجامعي قد فشل في وضع حد لتفشي هذه الظاهرة رغم وجود الأدلة والبراهين التي تكفي لتوجيه التهمة لعديد الأطراف من مسؤولين ولاعبين وأشخاص آخرين وراء الستار لكن كل ما قدرت عليه الجامعة هو ترصيف هذه الملفات في أرشيفها وغلق القضية لأسباب لا يعلمها إلا ا& والقائمين على شؤون الجامعة. لماذا بن ثابت فقط في محاولة لاستفزازه طرحنا على محدثنا سؤالا حول وجوده في كل مرة كطرف رئيسي في مثل هذه القضايا دون غيره من اللاعبين فأجاب بأن الشارع الرياضي لا يرحم ومزاجي الحاد وسلاطة لساني في بعض الحوارات التلفزية جعلتني أكون عرضة لمثل هذه التهم. لن أعود إلى قابس وحول مستقبله مع الفريق على الأقل في ما تبقى من الموسم اختتم محدثنا قوله «لن أعود إلى قابس مهما كانت الظروف، لأني لم أكن انتظر مثل هذا الموقف السلبي من جماهير الملعب القابسي وحيث أني لمحت لديهم نظرات الشك واتهامي بالتخاذل فلن أعود رغم المساندة المعنوية الكبيرة التي حظيت بها من جانب مسؤولي الملعب القابسي ورئيس الهيئة، وبعض الأشخاص الذين لا علاقة لهم بالكرة، أقول كلمة واحدة وهي أن كرتنا ليست نظيفة وما خفي كان أعظم.