اعترف كهل مؤخرا في القيروان بتفاصيل إقدامه على قتل صديقه قبل خمس سنوات في إحدى المدن الايطالية بعد ان قررت الجهات الأمنية الايطالية حينها أن الوفاة حصلت اثر حادث قطار. وجاء اعترافه بعد إيقافه بناء على روايته التي قصها وهو في حالة سكر أمام بعض أقارب الهالك. وقد أعاد كشف الحقيقة الحزن الى عائلة الهالك بعد خمس سنوات من دفنه. أعوان فرقة الأبحاث العدلية للحرس الوطني بالقيروان تمكنوا من حل لغز هذه القضية الشائكة في عملية فريدة من نوعها مليئة بالتفاصيل والحقائق التي انكشفت بعد مرور 5 سنوات من الواقعة. وقد تواصل إيقاف المشتبه بينما ينتظر ان تفرز القضية تفاصيل أكثر وتورط أطراف أخرى في جريمة قتل الشاب. وحسب المعطيات الأولية المتوفرة لدى «الشروق» فإن الكهل المشتبه فيه (من مواليد 1964 يقيم بمنطقة سليمان من ولاية نابل) شرب مؤخرا كمية كبيرة من المشروبات الكحولية حد السكر بعد عودته من الخارج ثم توجه الى مقهى قريب حيث جلس برفقة أصدقاء له. وأثناء الجلسة شرع في الحديث عن بطولاته خصوصا خلال سنوات الغربة (19 سنة) التي قضاها في ايطاليا. غير انه انخرط في ما يشبه الهذيان وراح يحدث جليسيه عن اخطر عمل قام به مؤكدا انه «ذبح» احد الشبان أثناء تواجده في ايطاليا وذكره باسمه. ونظرا لحالة السكر المطبق التي كان عليها انبرى في الحديث بإفاضة دون ان يعلم ان لجليسيه علاقة قرابة بالشاب الهالك كان الجليسان حتى تلك الساعة يعلمان ان قريبهما لقي حتفه قبل خمس سنوات في ايطاليا بعد نحو 20 سنة من إقامته هناك عندما صدم القطار سيارته أثناء توقفه على السكة مما أدى الى وفاته على عين المكان. وقد استلم أهله جثمانه وشيعوا جنازته وبكوه. لكن بقيت في قلوب الأهل حيرة متقدة وسؤالا ينتظر الجواب. ويبدو ان أسرة الشاب الهالك التي ساورتهم الشكوك حول مقتل ابنها كانت تبحث عن حقيقة غير تلك الرواية وتقدموا بطلبات بحث عن الحقيقة بلا جدوى. وحال استماع الشابين لكلام الكهل خاصة وانه ذكر اسم ضحيته (قريبهما) توجهوا الى أفراد أسرة الهالك وقصا عليهم القصة قبل التوجه رفقتهم الى أعوان الفرقة العدلية للحرس الوطني بالقيروان التي أخذت المسألة على مأخذ الجد وتتبعت القضية تلبية لرغبة أسرة الهالك في الوصول الى الحقيقة وتعاملوا مع القضية بحرفية كبيرة. وبناء على اسم المشتبه فيه ومواصفاته تنقل احد الأعوان الى مدينة سليمان وتم استدراجه الى مقر الفرقة العدلية فأنكر ما ورد على لسان قريبي الهالك اول الامر لكن بمحاصرته بالأدلة والشهود وتضييق الخناق عليه انهار وصدع بالحقيقة لكن هذه المرّة في كامل وعيه معترفا بقتل صديقه ورفيق دربه في الغربة قبل ان يقدم تفاصيل جريمة القتل ودوافعها. ووفق اعتراف المشتبه فيه (أصيل منطقة الروحية من معتمدية حاجب العيون) فان صداقة جمعت بينه وبين الهالك (من مواليد 1972 أصيل احدى القرى بالقيروان) قبل سنوات من السفر معا الى ايطاليا. وهناك تواصلت صداقتهما وانخرطا في العمل معا لمدة سنوات. غير ان عملهما اكتسى خطورة كبيرة عندما انضما الى شاب مغاربي في تجارة الممنوعات. وبحسب رواية المشتبه فيه فان الشاب المغاربي أعرب له عن رغبته في التخلص من الصديق بسبب خيانته للعمل زاعما انه استحوذ على مبلغ 50 الف اورو ثمن بضاعة سلمها له المغاربي قصد بيعها. وذكر المشتبه فيه ان الشاب المغاربي استغل إدمانه ووعده بتلبية حاجياته واعدا اياه بمبلغ مالي ضخم. وعن تفاصيل عملية القتل التي خطط لها المشتبه فيه رفقة المغاربي في أحد أيام شهر مارس سنة 2005. ذكر المشتبه فيه انه نظم جلسة خمرية دعا اليها صديقه ومشغلهما المغاربي. وأثناء السهرة خاتله ووضع له مخدرا في المشروب. وعندما فقد الصديق وعيه استل المشتبه فيه آلة حادة وأصابه بها على مستوى رقبته. لكنه لم يفارق الحياة رغم نزفه دماء كثيرة فتعاون المشتبه فيه والمغاربي على حمله ووضعه داخل سيارته ووضع حزام الأمان له ثم دفعا السيارة حتى وضعاها فوق السكة الحديدية وهو مسلك القطار وكان في حسبانهما الايهام بان الهالك اختار تلك الوضعية. وذكر المشتبه فيه ان القطار اطلق صافرة المنبه قبل أن يصدم السيارة التي كانت متوقفة في مساره والتي تحولت الى حطام وامتزجت فيها أعضاء الهالك بحديدها. كما اعترف المشتبه فيه ان المغاربي لم يكافئه على قتله صديقه كما وعده بل اكتفى بتسليمه 250 أورو. كما ذكر انه عاد الى تونس بعد سنة واحدة وقد أضحى منذ ذلك الوقت في حالة نفسية صعبة متأثرا بالصدمة حسب تأكيده. واعترف المشتبه فيه (متزوج وأب لأبناء) انه كانت تربطه بالهالك علاقة صداقة وطيدة رغم فارق السن بينهما وذكر انهما كانا لا يفترقان مؤكدا ان الهالك كان طيب المعشر وحسن الخلق وقد التقطت لهما معا عديد الصور الفوتوغرافية والذكريات الجميلة. وإثر اعتراف المشتبه فيه بقتله صديقه تم إعلام النيابة العمومية التي أذنت بالاحتفاظ به لمواصلة الأبحاث. وينتظر ان تسفر القضية عن تفاصيل أدق خصوصا في إصدار منشور تفتيش دولي في شأن الشاب المغاربي في صورة ثبوت تورطه وفتح الجهات الأمنية التونسية والايطالية تحقيقا مشتركا خاصة وان الجريمة حدثت في بلاد اجنبية واحد أطرافها من رعاياها.