احتضنت مدينة مدنين منذ أيام تظاهرة سينمائية بعنوان «ملتقى سينما ودراما الجنوب»، وهي أول دورة للتظاهرة الغرض منها وهذا على لسان مدير المهرجان المساهمة في تأسيس عادات للفرجة السينمائية بالجهة! كيف يمكن تأسيس عادات للفرجة السينمائية في مدينة بل في ولاية لا توجد بها قاعة سينما واحدة؟ منذ عامين كاد مهرجان سوسة الدولي لفيلم الطفولة والشباب أن يتوقف بسبب انعدام القاعات في المدينة، وخصوصا بعد غلق مركب سينما النجمة الذي كان يضم ثلاث قاعات. والى غاية هذه اللحظة مازال المهرجان مهددا بالاندثار، مثله مثل مهرجان جربة الدولي للفيلم التاريخي والاسطوري الذي اندثر منذ سنوات، ليس بسبب فقدان القاعات فحسب، وإنما لموت السينما في تونس. واذا كانت بعض المهرجانات السينمائية قد استطاعت أن تصمد الى غاية الوقت الحاضر مثل أيام قرطاج السينمائية ومهرجان قليبية لسينما الهواة واللقاءات الدولية للفيلم الوثائقي بتونس، فذلك بفضل دعم الدولة. إن التأسيس لعادات الفرجة السينمائية سواء في مدنين أو في تونس أو في كامل البلاد، مسألة أكبر بكثير من بعث تظاهرة سينمائية. فاذا كانت التظاهرات ذاتها بلا دور تحتضنها، فكيف لها أن تؤسس عادات للفرجة السينمائية، بل أين ستؤسسها؟ الواضح أن بعث ملتقى سينما ودراما الجنوب بمدنين، ما هو إلا «نزوة» ثقافية قد تكون صادقة من حيث النية، إلا أن مآل الملتقى سيكون عاجلا أو آجلا الاندثار مثله مثل مهرجان جربة الدولي للفيلم التاريخي والاسطوري. وكان من الافضل العمل على إعادة إحياء القاعة الوحيدة المتوفرة بمدينة مدنين خصوصا وأنها على ملك البلدية بدل استضافة الممثل المصري محمود حميدة الذي كلف الملتقى ربع ميزانيته دون أن يحضر حتى في حفل الاختتام.