كان جمهور الفن الرابع بسوسة على موعد مساء يوم الخميس 6 ماي مع افتتاح الدورة السادسة «لأيام المسرح الهزلي» التي ينظمها المركز الثقافي بسوسة لأول مرة وبحرص شخصي من السيد الشاذلي العزابو المندوب الجهوي للثقافة تضمن برنامج هذه التظاهرة الى جانب العروض المسرحية التي تمتد على ثلاثة أيام لقاء فكريا يجمع وجوها مسرحية لتناول احدى اشكاليات هذه النوعية المسرحية التي كثر فيها التنظير أكثر من التفعيل. «السخرية والتهكم في المسرح الهزلي» هو موضوع هذا اللقاء والذي كان من اختيار المسرحي منير العرقي والذي حضر صحبة المنصف السويسي وأحمد السنوسي في حين تغيب الاستاذ المنصف شرف الدين والممثل جعفر القاسمي مما خلف نقاط استفهام لدى الحاضرين لم تقع الاجابة عنها! الحكاية متشعبة! هكذا وصف منير العرقي هذه النوعية المسرحية التي تعددت تسمياتها من المسرح الضاحك المسرح الكوميدي الى المسرح الهزلي معتبرا أنها في نهاية المطاف تبقى «وضعية مسرحية لا تراجيدية» دون أن ينفي الجانب الدرامي داخلها وبالرجوع الى تاريخية هذه النوعية المسرحية أكد أن الضحك والاضحاك وسيلة للنقد مستدلا بما تضمنه كتاب «برغسون» «الضحك» (Le Rire) مركزا على اعتبار الضحك عملية عقلية وهي ظاهرة اجتماعية وصحية كأنجع وسيلة للانخراط الاجتماعي واعتبر منير أن النقد السياسي هو الذي يجلب الاجماع على هذه النوعية المسرحية مؤكدا أن «الكوميديا هي التي سترجع الجمهور الى المسرح». هناك فرق بين الكوميديا و«التكوميك» اتسم تدخل المنصف السويسي كعادته بالطرافة والتلقائية وخاصة بحبه وغيرته على الفن الرابع عاكسا ثقافة مسرحية عميقة من خلال جرده التاريخي حول نشأة الكوميديا التي ظهرت بعد التراجديا معتبرا اياها في تقابل مع هذه الاخيرة وكانت ثورة على السائد وعدم التسليم بالاشياء ومن هنا اعتبر المسرح وظيفة خطيرة على حد تعبيره بما تتضمنه الكوميديا من نقد وتعرية الواقع واعتبر المنصف السويسي أن «الكوميديا دي لارتي» تونسية الاصل أيام كانت تلقب بإفريقية وأن «أرلكين» تونسي مأخوذ من شخصية الغلام أو ذلك الخادم الظريف وفي نقده لصيرورة الكوميديا اعتبر السويسي أن الكوميديا بدأت تسقط بظهور «الفودفيل» و «بولفار» معتبرا أنه «اتعس» من الاول ودخلت الكوميديا منعرج الضحك من أجل الضحك وانحرفت عن ابعادها الاصلية معرجا على «الوان مان شو» الذي لقبه بالفرجة الاضحاكية معتبرا أنه ظاهرة لا غير مؤكدا في خاتمة تدخله أن «الكوميديا موش تكوميك» على حد تعبيره أحمد السنوسي يفاجئ الجميع! أكد الممثل أحمد السنوسي منذ بداية تدخله أنه سيتطرق الى جانب لم تقع حتى الاشارة اليه في اللقاء وهو «مسرح الظل» معتبر أنه مسرح مغمور رغم أنه من أقدم أنواع المسرح ومن أول أشكال الفرجة وهو بداية المسرح الكوميدي حيث وظف في القديم لتسلية آلهة هندية عرفت بالقسوة وسفك الدماء حتى يلين قلبها ويبعث فيه الرحمة عن طريق مسرح الظل كما اعتبر السنوسي أن مسرح الظل نشأ لاضحاك العامة حتى ينسوا حقوقهم الاجتماعية كما اعتمد قديما لشفاء الامراء وأكد في ختام تدخله أن مسرح الظل هو الذي خلق التهكم وهو الذي خلق المسرح الكوميدي. نقاش مهمل! رغم نفي السيد لطفي بن صالح منشط اللقاء صفة الندوة على هذا اللقاء المسرحي وتأكيده منذ البداية أنه نقاش وحوار بين كل الحاضرين وجوه مسرحية كانوا أو متابعين فإن فقرة النقاش لم تأخذ حظها سوى من حيث المدة الزمنية أو من حيث الردود فما عدا المنصف السويسي الذي رد على مختلف الاراء النابعة من الحضور فإن أحمد السنوسي ومنير العرقي قد غادرا القاعة منذ بداية فقرة النقاش مما جعل هذا اللقاء مبتورا رغم الاضافة الحاصلة اضافة ان كل المداخلات لم تكن محبرة في أوراق مما جعل المتدخلين يرتجلون وابتعدوا في الكثير من المواضع عن الموضوع الاصلي وركزوا على بعض التعريفات وعلى الجرد التاريخي دون التعمق أكثر في جوهر الاشكالية المطروحة. أين الجمهور؟! مرة أخرى يخذل الجمهور المنظمين حيث اقتصر الحضور على بعض الوجوه المسرحية بالجهة كمراد كروت الذي بعث حيوية في اللقاء والشاذلي الورغي ونجيب زقام ومحمد بو جرة وبعض المغرومين بالفن الرابع مما قد يطرح من جديد تساؤلات حول مدى التعامل بين المركز الثقافي بسوسة والاحياء الجامعية ومختلف المؤسسات التربوية والجمعيات المسرحية!!!