من يتأمل برامج المهرجانات الصيفية الكبرى، أو الدولية هذه السنة، وفي السنوات الاخيرة عموما، يلاحظ أن عدد العروض المسرحية تقلص!... في المقابل، ارتفع عدد العروض السينمائية، التي كانت في السابق غائبة تماما، مثل المسرح اليوم!... وإذا كانت العروض السينمائية ناجحة في الوقت الحاضر، بحكم حداثتها كفكرة، فإن ما يخشى هو أن تنتهي الى ما أصبح عليه المسرح اليوم... تراجع الاقبال على السينما ويلاحظ في مهرجان قرطاج، في هذه الدورة مثلا، أن العروض السينمائية لم تعد تستقطب جمهورا غفيرا كما في الدورات السابقة التي سجلت أرقاما قياسية في بعض العروض مثل «تيتانيك»، الذي خصصت له سهرتان نظرا للاقبال المذهل عليه، و»هانيبال» أو «صمت الخرفان II»، و»مهمة مستحيلة»... وكان لهذا النجاح الجماهيري الكبير، تأثير في خيارات كل المهرجانات تقريبا التي عزفت عن المسرح وأصبحت تفضل عليه السينما، وهو ما دفع الموزعين السينمائيين ذاتهم، الى التركيز على المهرجانات أكثر من القاعات، خلال الموسم العادي... السينما تفقد موقعها ومثلما جرى على المسرح الذي أصبح منبوذا في كل المهرجانات تقريبا بتعلة عدم الاقبال عليه بدأت السينما تفقد هي الاخرى النجاح الذي كانت سجلته في بداياتها عندما تسللت الى المهرجانات... واذا كان المسرح قد حافظ على الاقل على حضوره ضمن الموسم الثقافي العادي، ولو نسبيا، فإن السينما فقدت، أو بدأت تفقد الاثنين معا، الموسم الصيفي والموسم العادي... فاستهلاك الافلام في الصيف في الهواء الطلق (المهرجانات الصيفية)، يقلل من شأنها، ومن رونقها وحداثتها في الموسم العادي... للترفيه فقط ! ولعل ما يمكن استنتاجه هو أن المهرجانات الصيفية، مثلما شرّدت المسرح، ستأتي كذلك على السينما... فالسينما اليوم في القاعات فقدت جمهورها، نظرا لاستهلاكها في غير فضائها الاصلي (القاعات)، وهو ربما ما حدث للمسرح حين بات يقدم في الساحات والمدارس والاسواق، أي في غير فضاءاته التي نشأ فيها... وما يخشاه القطاع الثقافي اليوم، هو أن تتواصل هذه الظاهرة فتصبح المهرجانات الصيفية، فضاء للترفيه فقط، وليس للترفيه والتثقيف على حد السواء، تقدم المسرح والسينما، والعروض الفرجوية الاخرى ذات الطابع الترفيهي.