تحتل الأم مكانة هامة في قلوب الشعراء والمبدعين فهي ملهمتهم والحضن الدافئ الذي يحتضنهم في أوقات الضيق والقلق كسائر البشر وهو ما اعترف به الشاعر الشاب المنذر العيادي الذي أكد أنه يفتقد أمه كثيرا خاصة عند الاحتفال بعيد الأمهات وأنه بهذه المناسبة الأسرية المهمة لا يسعه إلا أن يناجي روح والدته الطاهرة التي فارقت الحياة وتركت لديه فراغا كبيرا أدمى قلبه وجرحا لا يندمل مهما طال الزمان ويكتب هذه الكلمات التي تنبع بصدق من قلبه المجروح عن رحيلها المفاجئ. الشهباء (اسم والدة الشاعر المنذر العيادي) لا تلومي العين يا شهباء كالخنساء إن بكتك يوما فإنها تكره أن تراك على هذا السرير تتألمين في صمت مرير تنتظرين من يسند لك ظهرك أو يعطيك كوبا من الماء إنني لا أدري يا شهباء وجهك أي شحوب خيم على الاعياء ولا أدري كيف كبل رجليك التعب وصدقيني يا شهباء إنني مازلت أراك .. فتية.. قوية.. صابرة حتى وإن مشوك على الأشواك والجمر حتى وإن عرضوك لقرص الشمس في الصحراء إنني مازلت أراك تستيقظين باكرا للضحى تتعبدين في محرابك وفي خشوع تناجين رب السماء إنني مازلت ألمح في يديك عنفوانا يكسر الحصى يحرك الرحى ويدهشني شفق أحمر ارتسم على كفوف يديك يفوح بريحة الحناء هل تذكرين يا شهباء كم كانت دارك مفتوحة للغرباء للعابرين المتعبين من وكم كنت تعشقين البساطة وتحبين فعل الخير وتجلسين الى البؤساء والفقراء تعطفين عليهم تبدلين يأسهم أملا وتبللين شفاههم الحزينة بماء الورد والعطرشاء حتى الأزهار والأشجار تحبك لأنك عند احتباس المطر تسقينها كل مساء آه يا شهباء.. يا أمي يا سيدة النساء أنسى كل شيء ولا أنسى ليلة طويلة من برد ذلك الشتاء قلت لك فيها مازحا دثريني.. دثريني فوضعت فوقي كل الأغطية وبقيت أنت في البرد من دون غطاء ولقد كان يهجر النوم أجفاني كلما أسمع دوي الرعد وتساقط الأنواء كنت ألجأ إليك أتوسد صدرك الحنون فتروين لي حكايات غريبة عن الجازية العجيبة وعن ابن السلطان وعن غدر الذئب بحمراء حمراء ولقد كنت تتمتمين بكلمات كالسحر فأنام سريعا كمن أصيب بالاغماء آه يا شهباء ما أجمل تلك الأيام والليالي وما أروع تلك الأجواء