تونس 2010 يقول الباحث في مستهل المقدمة التي وضعها لكتابه «يتنزل هذا البحث، في سياق دراسة تراثنا الشعري العربي القديم دراسة علمية منهجية، تعتمد أساسا على استنطاق النص الشعري القديم استنطاقا يفضي بنا إلى التعمّق في فهمه وتأويله تأويلا منطقيا شاملا مبنيا على قاعدتي التماسك والانسجام.. وهو عمل يبحث أساسا في إشكالية الإبداع والإبداعية في الشعر العربي القديم»... وفي مكان آخر من هذه المقدمة يضيف الباحث قائلا: «لقد اتخذنا من مفهوم الإبداع محورا أساسيا في دراستنا سواء من الناحية التصويرية أو من الناحية الإجرائية التطبيقية، باعتباره يقوم في أصله اللغوي على ابتكار الشيء وإنشائه وصنعه دون سابق مثال...». يتضمن الكتاب في مجمله مقدمة عامة وأربعة فصول لكل فصل منها تمهيد وخاتمة وقائمة بالمصادر والمراجع المعتمدة في البحث. الفصل الأول اختار له الباحث عنوان «ملامح من الرؤية الكونية في الشعر الجاهلي من خلال بعض النماذج» وقد شمل الفصل بالدراسة شعر طرفة بن العبد وشعر النابغة الذبياني وشعر امرئ القيس وانتهى الفصل بخاتمة يقول فيها الدارس من ضمن ما يقول: لقد كان هدفنا الأساسي من هذا الفصل أن نتبين ملامح الرؤية الكونية وتجلياتها الإبداعية في النماذج التي اعتمدنا عليها من الشعر الجاهلي... ولقد تمكنا من اكتشاف المجالات الدلالية التي تقوم عليها تلك الملامح والتي كانت مطيّة للإدراك والفهم والمعرفة وقد بين لنا التحليل أن هذه الرؤية إنما استمدت كونيتها ومظاهرها الإبداعية من طبيعة القضايا الإنسانية التي تطرقت إليها شأن الحديث عن الموت.. وشأن الحديث عن المكان.. وشأن الحديث عن الزمان..». الفصل الثاني من الكتاب خصصه الباحث لاستجلاء مظاهر من الإبداع في الشعر الرثائي وتحدث فيه عن جدلية الذاكرة والزمن وبيّن مفهوم الذاكرة وعلاقتها بالزمن ثم تبين موائل الذاكرة والزمن في الخطاب الشعري الرثائي من خلال بنية القصيدة الرثائية ومن خلال نموذجين من الشعر الرثائي في ميمية أبي خراش وفي عينية أبي ذؤيب الهذلي وتبين الباحث بعد ذلك البنية والزمن في المرثية الإسلامية. الفصل الثالث عنوانه «نظام القصيدة في رثاء الأبناء ضمن ديوان» اقتراح القريح لأبي الحسن الحصري القيرواني وقد قدم الباحث في مستهل هذا الفصل «مدونة» اقتراح القريح واجتراح الجريح للحصري ثم تحدث عن نظام المعاني والدلالات فيها كحتمية الموت والبكاء والتفجع والتأبين والقبر والتعزي وما إلى ذلك من هذه المعاني.. ثم تحدث الباحث بعد ذلك عن النظام البلاغي في هذه المدونة ونظام البنية فيها. أما الفصل الرابع والأخير فقد أفرده الباحث ل«النظام الإيقاعي في ديوان» اقتراح القريح واجتراح الجريح وعرج على أشكاله وخصائصه ودلالاته فتحدث عما أسماه الإيقاع الداخلي والإيقاع الخارجي. وحوصلت خاتمة الكتاب ما انتهى إليه كل فصل من فصوله الأربعة من نتائج.