تفضلت مؤخرا جمعية المتقاعدين في تونس العاصمة بتكريم الاعلاميين المتميّزين المكي كربول كمقدم برامج وقارئ اخبار وهو الذي عاصر أجيالا وعاش ميلاد أجيال أخرى تتلمذت على يديه وتابع مختلف الأحداث التي مرت بها بلادنا منذ عهد الاستقلال... والبشير رجب باعتبار اهتمامه بالمتقاعدين والمسنين على حد سواء وذلك من خلال برنامجه الشهير «نزهة الأحد»... ونظرا لأهمية هذه الشخصية الاعلامية «الشعبية» المرحة في حياة من تقدّم بهم العمر. وأضحى البشير رجب الصديق الوفي لهم... اردنا في عددنا اليوم ان نعطي حق هذا الزميل الذي ظل يكابد وراء أسوار العتمة والنسيان.. عندما نحول وجهتنا الى الإذاعة الوطنية ونعيش بعض اللحظات الرائعة والجميلة والمسكونة بالحب مع المايسترو البشير رجب المنشط والمذيع المثقف.. والذي يحمل من العطايا ما عز نظيره بين فرسان المصدح في بلادنا وحتى في بعض البلاد العربية.. إذ ما يميّز هذا الرجل هو تلقائيته المفرطة ورومانسيته التي لا حدود لها... فيكفي ان تستمع الى برنامجه الاسبوعي «منتزه الأحد» وبالأحرى «نزهة الأحد» الذي هو بالفعل فضاء للابداع الفكري والثقافي والفني... نزهة يسبح فيها المستمع ويعيش أحلى أيام الطفولة والصبى وصولا الى الشيخوخة... فما امتعها رحلة.. وما أروعه سفر الذي ينخرط في علاقة اكثر من حميمية مع هذا البرنامج المليء بالصدق والحب.. من خلال تدخلات آبائنا وأمهاتنا الذين كاد ان يطويهم الزمن ضمن دائرة الاهمال والنسيان... فكانت نزهة البشير رجب احسن هدية لهم.. يمتعون المتلقي بأحاديثهم وحكاياتهم الطريفة وقصصهم الممتعة جدا جدا.. «نزهة الأحد» حصة اسبوعية تبث فيها الشعور بالسعادة والانسانية من خلال هذا الكمّ الفياض من العطاء والحب الصادق وهو ما يجعل برنامج «ابن جمّال» سي البشير من أهم وأبرز البرامج والمنوعات الإذاعية على الاطلاق... بل وأكثرها شعبية ذلك ان بساطة مضمونه تهدف أساسا الى تحريك مشاعر الرحمة والقيم النبيلة في الانسان بنسيج ايقاعي من أهم مميزاته الأصالة وصدق التعاطي مع الآخر الا وهو الأب والأخ... والأخت والزوجة... وكل من تربطهم صلة الرحم في عصر يكاد هذا الحبل ان يهترئ وينقطع وربما انقطع أصلا... في ظل ما نشاهده من فضائح «نووية» التي تمر عبر «المسامح كريم» و«عندي ما نقلك» وبحكم عدة ظروف قد تكون واقعية واستثنائية. وكانت الزميلة العزيزة اعتدال المجبري المنشطة السابقة بقناة تونس 7 والمسؤولة عن الاتصال والإعلام بمركز المرآة العربية للتدريب والبحوث حاليا فتحت عديد الملفات في شأنها من ذلك نحن بحاجة اكثر من ملحة لمثل هذا البرنامج الانساني الذي لا يمكن ان تطمس معالمه الأغاني الركيكة التي يتسابق عليها أغلب منشطينا لتغطية مختلف برامجهم في جل المحطات الإذاعية ولا يمكن بأية حال ان يزيحه من الذاكرة فنار برامج الواقع التي أتت على الاخضر واليابس فخدشها الحياء.. «منتزه الأحد» لا يهتم به المسنّون فحسب وانما حتى جيل الشباب بمتابعتهم الدقيقة له والمواظبة في الاستماع اليه والاستمتاع بكل فقراته ذلك ان ما يقدمه البشير رجب صباح كل احد يعكس اختلاجات حياة كاملة من خلال شهادات أبنائنا وأمهاتنا المسنين وعن طريق منهج التلقائية وروح الصدق ورومانسية الحب الانساني الرائع الجميل الذي اجتهد فيه صاحب المنتزه حيث وجدنا أنفسنا نهاية كل أسبوع رغم سفرنا الدائم امام مائدة ملأى بشتى انواع القطوف الفائحة واللذيذة وكأنها ثمار من جنة الخلد.. كيف لا والرحمة والانسانية هما من مفاتيح الفردوس.. إنه متن التواصل بين الأجيال من مختلف الأعمار تجمعهم قيمة واحدة عمودها المحبة والاحترام. ان فسحة البشير رجب الاذاعية مثال رائع لبقية البرامج الإذاعية التي تعطي العمل الاعلامي قيمة أساسية وليس كما ينتهجه البعض من زملائنا في الإذاعة والتلفزة من بهرج تفقد معاني برامجهم ومنوعاتهم وإن كانت في عديد الأحيان لا تستحق المتابعة لهشاشتها ورداءتها وسخافتها أيضا ولعلنا ان نسأل فقط أين التكريم في المسامح كريم؟.. أليس اسما بلا مسمى؟ البشير رجب وجه من وجوه الابداع عرف كيف يختار برامجه وعرف ايضا قيمة المستمع لذلك يستحق منا هذا التكريم المتواضع.