اختتاما للموسم الثقافي 2009/2010، وفي اطار جلسة تقييمية طغى عليها جانب التشخيص للواقع والاستشراف للمستقبل، نظمت اللجنة الجهوية للثقافة بالتعاون مع المندوبية الجهوية بصفاقس مساء أول أمس الخميس لقاء حضره عدد هام من المثقفين والاعلاميين خرجوا باستنتاجات عديدة لعل من أبرزها احداث تظاهرة ثقافية كبرى والبحث عن صيغة جديدة لاستقطاب المتلقي مع فتح الأبواب على مصراعيها أمام الخواص. اللقاء انتظم خارج الفضاءات الادارية المغلقة، وقد خير المنظمون أن يكون بأحد المنتزهات بطريق سيدي منصور بصفاقس واشرف عليه رئيس اللجنة الجهوية للثقافة الدكتور الناصر البقلوطي والمندوب الجهوي للثقافة السيد طارق بوجلبان ونائب الرئيس السابق للبلدية الدكتور أحمد الرقيق والسيد علي السعداوي رئيس تحرير جريدة «القلم» الثقافية. من ايجابيات هذا اللقاء، الصراحة التي اعتمدها المشرفون، فبلغة اتسمت بالمصداقية والشفافية، قال الدكتور الناصر البقلوطي إن الموسم الثقافي بصفاقس كان هاما على مستوى الكم لكن الكيف كان «بيه وعليه» لأسباب عديدة منها خاصة العزوف الذي بات معروفا في كل التظاهرات في كل الجهات من البلاد . أسباب العزوف الجماهيري باتت معلومة هي الأخرى، فالأنترنات والفايس بوك والقنوات الفضائية وغيرها من الأسباب، كلها عوامل جعلت الشباب خاصة لا يولون اهتماما كبيرا للأنشطة الثقافية على أهميتها والمبرمجة على مدار العام والتي لا تستقطب الا عددا من النخبة باتت وجوههم مألوفة في كل تظاهرة.. صراحة المشرفين الثقافيين فتحت بابا كبيرا للنقاش والتحاور حول العديد من المسائل مما جعل الحضور من المثقفين والاعلاميين يخرجون بعديد الملاحظات والاقتراحات التي قد ترى النور ان كانت العزائم صادقة كصدق التشخيص . من أبرز المقترحات احداث مهرجان ضخم قد يكون مهرجان الفنون المتوسطية أو مهرجان الابداع الاعلامي أوغيرهما من الأفكار التي ستحرص على التفرد ويطغى عليها الطابع المغاربي أو المتوسطي أو الدولي.. لكن قبل ذلك، دعا الحضور الى فتح الباب أمام الخواص الناشطين في الحقل الثقافي والذين تم التضييق عليهم مما جعل بعضهم يغادر الحقل الثقافي حتى أن أحدهم قال في تعبير رشيق ظريف لكنه يخفي حرقة «خليونا ناكلو الخبز معاكم». والواقع أن هذه العبارة رغم ما فيها من ظرافة، وضعت الأصبع على الداء، فشركات الانتاج الخاصة وعددها 7 بصفاقس، والمبدعون بالجهة تم تهميشهم بشكل ملحوظ مما جعل حركة الابداع تحتضر بعاصمة الجنوب التي تحولت الى مستهلك ثقافي لا ينتج البتة باستثناء مركز الفنون الدرامية والركحية بصفاقس والذي سنعود اليه في تشخيص موضوعي يستعرض الايجابيات وينبه الى السلبيات.. الجهات المسؤولة اقتنعت بالملاحظات بل ووعدت بالنظر فيها بعمق للخروج من عنق الزجاجة ولضخ دماء وأفكار جديدة تعيد الألق الثقافي لمدينة صفاقس التي كانت معروفة بالانتاج والابداع.. وفي انتظار ذلك وكاستنتاج عام، نقول إن الصراحة المعتمدة والاصغاء الواعي للمقترحات، لا يؤكد حسن النوايا فقط، بل ان المندوبية الجهوية للثقافة تحت اشراف السيد طارق بوجلبان والللجنة الجهوية الثقافية تحت اشراف الباحث الناصر البقلوطي عاقدة العزم على الرقي بالمشهد الثقافي استجابة لتوجهات وزارة الاشراف الحريصة على ذلك..