دون مبالغة هو واحد من أفضل المهرجانات التي تشهدها ولاية صفاقس، فالتظاهرة تنطلق من القرنيط لكنها تتعدى ذلك لتحريك الحياة الثقافية والسياحية بجزيرة قرقنة الحالمة وتغوص في المشاغل اليومية للأهالي من خلال ندوات فكرية كانت فيما مضى من الدورات التي تنبش في وضعية النقل والإنجراف و التسبخ و غيرها من المواضيع .. في الندوة الصحفية التي عقدتها أول أمس الخميس هيئة المهرجان وترأسها السيد الهادي بن اسماعيل رئيس الجمعية والسيد الناصر بن عبد الله الكاتب العام بحضور المندوب الجهوي للثقافة السيد طارق بوجلبان، لم يجد الإعلامييون صدى للدورات السابقة أو ارتقاء بها، بل لاحظوا انزلاقا وضعفا في برنامج التظاهرة التي تنتظم من 24 إلى 27 ديسمبر الجاري . التظاهرة تقوم فيما تقوم على بعض عروض «سحار» وورشات رسم وألعاب ترفيهية وأشرطة سينمائية موزعة بين المناطق السكنية لجزيرة قرقنة مشفوعة بمحاضرة حول علوم الفلك ومحاضرة حول القرنيط كثروة سمكية !. النقطة الوحيدة المضيئة في الدورة التي حادت عن نجاحاتها السابقة هي المسابقات في إعداد أكلات القرنيط وتذوقه بالمجان مع توفير الأخطبوط بأسعار منخفضة في كل نقاط البيع بداية من شواطئ البحر وصولا إلى الدكاكين . هو عيد للقرنيط بالفعل كما جاءت التسمية في وثائق المهرجان ، لكن الهيئة المنظمة تغافلت عن المشاغل الحقيقية التي تهدد القرنيط وغيره من الثروات السمكية بفعل «الكيس» و«الكياسة» الذين جرفوا عمق البحر و حولوا تربته إلى تربة عاقر لا تنجب .. هذا الموضوع مطروح اليوم بعمق في قرقنة ، ومعه يتساؤل الأهالي عن الإنجراف البحري الذي بات يهدد ثلث الجزيرة التي تشهد قفزة تنموية كبرى تجسمت في مشاريع رئاسية بالجملة يحرص الوالي السيد محمد بن سالم ومن ورائه معتمد الجهة السيد بوصراية الحراثي على تنفيذها بما يعزز المسيرة التنموية للأرخبيل الحالم . جملة هذه التساؤلات وردت في أسئلة الصحفيين و الإعلاميين والمراسلين الجهويين الذين تعرضوا إلى تراجع الحركة الثقافية بولاية صفاقس في الفترة الأخيرة وهو ما جعل هيئة المهرجان تتراجع لتؤكد أن البرنامج الموزع هو مشروع برنامج وان الدورة الحقيقية لمهرجان القرنيط ستكون خلال شهر مارس وهو ما دافع عنه المندوب الجهوي للثقافة بصفاقس السيد طارق بوجلبان متحدثا عن سياسة «الإفراق» في مهرجان القرنيط ومدافعا بالمناسبة عن توجهات إدارته في الفعل الثقافي. مهرجان القرنيط في دورته الحالية ينتظم إذن في محطتين أولى في شهر ديسمبر الحالي وثانية في شهر مارس المقبل، على أن الهيئة تفكر في صناعة أكبر «درينة» في العالم بهدف تسجيلها في كتاب غينيس للأرقام القياسية وللتأكيد على أهمية الصيد البحري في قرقنة وأهمية الصناعات التقليدية بالأرخبيل مع برمجة فقرات أخرى تدعم نجاحات مهرجان القرنيط في دوراته السابقة.